قلت وسيأتي زيادة بيان وأمثلة لمن أرسل حديثا ثم تبين أنه سمعه ممن ليس بمقبول عند الجواب عن أدلة القائلين للمرسل إن شاء الله تعالى
دليل آخر ذكره ابن عبد البر وأبو بكر الخطيب وغيرهما من الأئمة وهو الاتفاق على ان الإرسال في الشهادة غير مقبول بل لا بد وأن يذكر شهود الفرع شهود الأصل الذين تلقوا منهم الشهادة بعيونهم واحتج به قديما الإمام أبو بكر الحميدي شيخ البخاري بنحو من ذلك بل ذكره الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع عن الإمام الشافعي وأنه استدل به والجامع بين الشهادة والخبر أن كلا منهما يثبت به الحكم لكن الأول حكم خاص وهذا حكم عام والعدالة مشترطة فيهما اتفاقا فلما لم يصح الإرسال في الشهادة إجماعا لزم مثله في الرواية وقرره ابن الصباغ بوجه آخر وهو أن شهود الفرع إذا لم يسموا شهود الأصل لم يكن شهادتهم تعديلا لهم مع عدم تسميتهم فكذلك هنا
واعترض المخالفون على هذا بالفرق بين المقامين بأن باب الشهادة أضيق من باب الرواية وقد اعتبر فيها أمو ر لم تعتبر في الرواية كالحرية والذكورة والبصر وعدم القرابة والعدواة وأيضا ليس لشاهد الفرع أن يشهد على شهادة الأصل ما لم يشهده على شهادته ويجوز للفرع في الرواية أن يروي عنه إذا سمعه يحدث وإن لم يقل له اروه عني وأيضا ليس للفرع أن يشهد على شهادة الأصل بلفظ عن ونحوها بل لا بد من الأداء بلفظ الشهادة ومع هذه الفروق كلها لا يصح قياس إحداهما على الأخرى
وأجب عن ذلك بأن الأصل اتفاق البابين في الشروط والأحكام لما بينهما من المعنى الجامع الذي تقدم فإذا خولف ذلك الأصل في بعض الصور بقي الباقي على الإنفاق بينهما يثبت حتى مخالفته له بدليل
وقال الشيخ أبو إسحاق الجامع المعتبر بين الرواية والشهادة هنا هو العدالة التي هي شرظ فيهما وكلامنا في معنى يتعلق بذلك فلا ينقض بافتراقهما بقي أمور أخر خارجة عن ذلك