وقال الحسن البصري كنت إذا اجتمع لي أربعة نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تركتهم وأسندته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا فإذا كان هذا شأن مراسيل الحسن وهي عندكم من أضعف المراسيل فكيف بمراسيل غيره من كبار التابعين كابن المسيب وقد روى عروة بن الزبير لعمر بن عبد العزيز عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله من أحيا أرضا ميتة فهي له فأرسله ولم يسنده فقال له عمر بن عبد العزيز أتشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال نعم أخبرني بذلك العدل الرضي فلم يسم من أخبره فاكتفى منه عمر بن عبد العزيز بذلك وقبله وعمل به إلى غير ذلك من الشواهد التي يطول الكلام بسياقها
ويكفي من ذلك ما رويتم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرسل إلى سعيد بن المسيب يسأله عن قضايا أبيه عمر رضي الله عنه وأحكامه مع علمه بأنه لم يدركه ولم يختلف عليه اثنان في قبولها منه مرسلة وقد قال أحمد بن حنبل إذا لم يقبل سعيد بن المسيب عن عمر فمن يقبل
الثالث إن هذا الواسطة الذي بين التابعي وبين النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون صحابيا أو تابيعيا ثقة أو مجروحا متهما أومجهولا لا يدري حالة فهذه أربعة أمور لا بد من أحدها أن يكون موجودا عند المرسل عنه فعلى التقديرين الأولين يجب قبول الخبر وعلى التقديرين الأخيري لا يقبل لكنا نقول إن احتمال التقديرين الأخيرين بعيد جدا في التابعين وخصوصا أن يكون ذلك الواسطة متهما بالكذب لأن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على عصر التابعين وجعلهم خير القرون بعد قرن الصحابة رضي الله عنهم فالمجروح المتهم بالكذب فيهم نادر بخلاف القرون التي بعدهم ولما تقدم من استحالة أن يكون التابعي الثقة الذي اطلع على كون شيخه الذي تلقى منه ذلك الحديث متهما ثم أرسله عنه جازما به عن النبي صلى الله عليه وسلم وبتقدير أن يكون ذلك غير مستحيل فلا شك في أنه بعيد جدا وكذلك يبعد أيضا أن يكون هذا الراوي مجهولا قد خفي حاله على التابعي ويقطع بروايته على النبي صلى الله عليه وسلم مع كونه لم يطلع على ثقته وعدالته فإذا تبين أن هذين الاحتمالين مرجوحان بالنسبة إلى الاحتمالين الأولين تعين العمل بالراجح لأنه أغلب على الظن