والرابع قوم دلسوا عن شيوخ مجروحين سمعوا منهم فغيروا أسماءهم وهذا تدليس الشيوخ وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى
والخامس قوم دلسوا عن شيوخ سمعوا منهم الكثير وفاتهم بعض الشيء عنهم فدلسوه
والسادس قوم رووا عن شيوخ لم يروهم قط ولم يسمعوا منهم فيقولون قال فلان وحمل ذلك منهم على الاتصال وليس مسموعا ومثل ذلك بما ذكر أبو داود الطيالسي عن أشرس أن إسحاق بن راشد قدم الري فجعل يقول حدثنا الزهري قال فقلت له أين لقيت ابن شهاب قال لم ألقه مررت ببيت المقدس فوجدت كتابا له
قلت وهذا ليس من التدليس في شيء لما تقدم إن شرط التدليس أن يكون اللفظ محتملا لا صريحا فمتى كان صريحا في السماع ولم يكن كذلك فهو كذب يقتضي الجرح لفاعله اللهم إلا أن يؤول بتأويل بعيد كما قيل فما روي عن الحسن أنه قال حدثنا أبو هريرة وتأوله من لم يثبت له السماع منه على أنه أراد حدث أهل البصرة فيكون الضمير عائدا إليهم وكذلك قول طاووس قدم علينا معاذ اليمن وهو لم يدركه وإنما أراد قدم على أهل بلده وهذه الأقسام متداخلة كما تراها والتعاقد شرط في التقسيم
والذي ينبغي أن ينزل قول من جعل التدليس مقتضيا لجرح فاعله على من أكثر التدليس عن الضعفاء وأسقط ذكرهم تغطية لحالهم وكذلك من دلس اسم الضعيف حتى لا يعرف كما سيأتي ولهذا ترك جماعة من الأئمة كأبي حاتم الرازي وابن خزيمة وغيرهما الاحتجاج ببقية مطلقا قال ابن حبان سمع بقية من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة ثم سمع من أقوام كذابين عن مالك وشعبة فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء ولا شك في أن مثل هذا مقتض للجرح لكن الذي استقر عليه عمل الأكثرين الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة بلفظ صريح في السماع