فقال ابن أبي ذئب: يا أمير المؤمنين، قد بعث البعوث وسد الثغور وقسم فيئهم فيهم غيرك.
قال: ويلك، ومن ذاك؟
قال: عمر بن الخطاب، فأطرق أبو جعفر إطراقةً ثم رفع رأسه فقال: إن عمر بن الخطاب -رحمه الله- عمل لزمانٍ وعملنا لغيره.
فقال: يا أمير المؤمنين إن الحق لا تنقله الأزمان عن مواضعه ولا تغيره عن وجهه.
قال: أحسبك يا ابن أبي ذئب طعاناً على السلطان.
قال: لا تقل ذاك يا أمير المؤمنين، فوالذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه لصلاحك أحب إلي من صلاح نفسي؛ وذاك أن صلاحي لنفسي لا يعدوها، وصلاحك لجميع المسلمين.
قال: فأطرق أبو جعفر وإن المسيب والحرس قيامٌ على رأس أبي جعفر بأيديهم السيوف المسللة.
قال: ثم رفع رأسه وقال: من أراد أن ينظر إلى خير أهل الأرض اليوم فلينظر إلى هذا الرجل وأومأ إلى ابن أبي ذئب.
قال: فقلت في نفسي أشهد أن الله ولي الذين آمنوا وهو منجي المتقين.
آخر الجزء، والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله.