وَلَا مَا نعللهم بِهِ تَعْلِيلًا فَأَسْقُط فِي يَدنَا وَعَلَمنَا أَنَا هَالِكُونَ جَمِيعًا إِنْ لَمْ يَتَدَارَكنَا اَللَّه بِرَحْمَة مِنْ عِنْده فَلَمْ أَرَ بُدًّا مِنْ أَنْ أَلْجَأ إِلَى اَلْخُطَّة اَلَّتِي يَلْجَأ إِلَيْهَا كُلّ مُضْطَرّ عَدِيم فَبَرَزَتْ إِلَى اَلنَّاس أَتَعْرِضُ لِمَعْرُوفِهِمْ وأستندي مَاء أَكُفّهمْ فَلَمْ أَجُدْ بَيْنهمْ مَنْ يُحْسِن إِلَى بِجُرْعَة أَوْ مُضْغَة وَلَا مَنْ يَدُلّنِي عَلَى سَبِيل ذَلِكَ وَكَانَ أَكْبَر مَا حَالَ بَيْنِي وَبَيْنهمْ وَصَرْف وُجُوههمْ عَنِّي أَنِّي أَلْبَس مُرَقَّعَة اَلشَّحَّاذِينَ وَلَا أَحْمِل ركوتهم فَعُدْت إِلَى مَنْزِلِي وَبَيْن جَنْبِي مِنْ اَلْهَمّ مَا اَللَّه بِهِ عَلِيم فَرَايْت اَلْأَطْفَال سهدا يتضاغون جُوعًا وَرَأَيْت اَلشَّيْخ جَالَسَا بَيْنهمْ يَبُلّ تُرْبَة اَلْأَرْض بِدُمُوعِهِ وَيَقْرَع كَفّه بِكَفِّهِ لَا يَعْلَم مَاذَا يَصْنَع وَلَا يَكْفِ يَحْتَال وَلَوْ أَنَّ شَخْص اَلْمَوْت بَرَزَ إِلَيَّ فِي تِلْكَ اَلسَّاعَة لَكَانَ مَنْظَره أَهْوَن عَلَى نَفْسِي مِنْ مَنْظَر هَؤُلَاءِ اَلصِّبْيَة وَهُمْ يُحَدِّقُونَ فِي وَجْهِي عِنْد دُخُولِي وَيَدُورُونَ حَوْلِي لِيَرَوْا هَلْ عُدْت إِلَيْهِمْ بِمَا يَسُدّ جَوَّعَتْهُمْ وَمَا عُدْت إِلَيْهِمْ إِلَّا بِالْيَأْسِ اَلْقَاتِل وَالْكَمَد اَلشَّامِل فَتَقَدَّمْت نَحْو اَلشَّيْخ وَقُلْت لَهُ أَنَّ فِي دَيْر اَلْمَدَنِيَّة كَمَا يَزْعُمُونَ مَالًا لِلصَّدَقَاتِ يَتَوَلَّى اَلْكَاهِن الأظم إِنْفَاقه عَلَى اَلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فَلَوْ ذَهَبَتْ إِلَيْهِ وَكَشَفَتْ لَهُ خَلَّتْك وَسَأَلَتْهُ أَنْ يَمْنَحك علالة تَسْتَعِين بِهَا عَلَى أَمْرك لَرَجَوْنَا أَنْ نُطْفِئ لَوْعَة هَؤُلَاءِ اَلْأَطْفَال اَلْمَسَاكِين فَاسْتَنَارَ وَجْهه بِنُور اَلْأَمَل وَقَامَ إِلَى عَصَاهُ فَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا وَمَشَى إِلَى اَلدَّيْر حَتَّى بَلَّغَهُ فَصَعِدَ إِلَى حُجْرَة اَلْكَاهِن حَتَّى وَقَفَ بَيْن يَدَيْهِ فَنَفَضَ لَهُ جُمْلَة حَاله وَسَكَبَ تَحْت قَدَمَيْهِ جَمِيع مَا أَبْقَتْ اَلْأَيَّام فِي جَفْنَيْهِ القريحين مِنْ دُمُوع فَاسْتَقْبَلَهُ اَلْكَاهِن بِأَقْبَح مَا يَسْتَقْبِل بِهِ مَسْئُول سَائِلًا وَقَالَ لَهُ اَلدَّيْر لَا يُحْسِن إِلَّا إِلَى اَلَّذِينَ أَسْلَفُوهُ اَلْإِحْسَان مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute