للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اَلْهَاوِيَة

مَوْضُوعَة

مَا أَكْثَرَ أَيَّام اَلْحَيَاة وَمَا اِقْلِهَا ? لَمْ أَعِشْ مِنْ تِلْكَ اَلْأَعْوَام اَلطِّوَال اَلَّتِي عِشْتهَا فيهذا اَلْعَالَم إِلَّا عَامًا وَاحِدًا مُرّ بِي كَمَا يَمُرّ اَلنَّجْم اَلدَّهْرِيّ فِي مَسَاء اَلدُّنْيَا لَيْلَة وَاحِدَة ثُمَّ لَا يَرَاهُ اَلنَّاس بَعْد ذَلِكَ.

قَضَيْت اَلشَّطْر اَلْأَوَّل مِنْ حَيَاتِي أُفَتِّش عَنْ صَدِيق يَنْظُر إِلَى أَصْدِقَائِهِ بِعَيْن غَيْر اَلْعَيْن اَلَّتِي يُنِرْ بِهَا اَلتَّاجِر إِلَى سِلْعَته وَالزَّارِع إِلَى مَاشِيَته فأعوزني ذَلِكَ حتي عَرَفَتْ فَلَانَا مُنْذُ ثَمَانِي عَشْرَة عَامًا فَعَرَفَتْ اِمْرَأ مَا شِئْت أَنْ أَرَى خلة مِنْ خِلَال اَلْخَبَر وَالْمَعْرُوف فِي ثِيَاب رَجُل إِلَّا وَجَدْتهَا فِيهِ وَلَا تَخَلَّيْت صُورَة مِنْ صُوَر اَلْكَمَال اَلْإِنْسَانِيّ فِي وَجْه إِنْسَان إِلَّا أَضَاءَتْ لِي فِي وَجْهه فَجَلَتْ مَكَانَته عِنْدِي وَنَزَلَ مِنْ نَفْسَيْ مَنْزِلَة لَمْ يَنْزِلهَا أَحَد مِنْ قَبْله وَصَفَتْ كَأْس اَلْوِدّ بَيْنِي وَبَيْنه لَا يُكَدِّرهَا عَلَيْنَا مُكَدَّر حَتَّى عُرِّضَ إِلَى مَنْ حَوَادِث اَلدَّهْر مَا أَزْعَجَنِي مِنْ مُسْتَقَرِّي فَهَجَرَتْ اَلْقَاهِرَة إِلَى مَسْقَط رَاسِي غَيْر أَسَف عَلَى شَيْء فِيهَا إِلَّا عَلَى فِرَاق ذَلِكَ اَلصَّدِيق اَلْكَرِيم فَتُرَاسِلنَا حِقْبَة مِنْ اَلزَّمَن ثُمَّ فَتَرَتْ عَيْنَيْ كُتُبه ثُمَّ اِنْقَطَعَتْ فَحَزِنَتْ لِذَلِكَ حُزْنًا شَدِيدًا وَذَهَبَتْ بِي اَلظُّنُون فِي شا ; هـ كُلّ مَذْهَب إِلَّا أَنْ أَرْتَاب فِي صِدْقه وَوَفَائِهِ وَكُنْت كَمَا هَمَمْت بِالْمُسَيَّرِ إِلَيْهِ لِتَعْرِف حَاله قَعَدَ بِي عَنْ ذَلِكَ هُمْ كَانَ يُقْعِدنِي عَنْ كُلّ شَأْن

<<  <   >  >>