للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهَا تُعَاشِر مَنْ لَا تُحِبّ وَتَحْيَا بَيَّتْنَ قَوْم لَا يُحِبُّونَهَا إِلَّا حُبًّا كَاذِبًا.

وَرُبَّمَا مَرَّتْ فِي بَعْض غدواتها أَوْ روحاتها بِغُرْفَة حَارِس قَصْرهَا وَهُوَ جَالِس بَيْن زَوْجه وَأَوْلَاده يَمْنَحهُمْ حُبّه وَإِخْلَاصه وَيَمْنَحُونَهُ مِنْ ذَلِكَ مِثْل مَا يَمْنَحهُمْ فَتَتَمَنَّى أَنْ لَوْ كَانَ حَظّهَا مِنْ هَذِهِ اَلْحَيَاة غُرْفَة كَهَذِهِ اَلْغُرْفَة وَزَوْجًا وَأَوْلَادًا كَهَذَا اَلزَّوْج وَهَؤُلَاءِ اَلْأَوْلَاد ثُمَّ لَا تَقْتَرِح عَلَى دَهْرهَا بَعْد ذَلِكَ شَيْئًا.

وَمَا رَآهَا فِي يَوْم مِنْ أَيَّامهَا اِسْتَقْبَلَتْ فِي قَصْرهَا رَجُلًا مُتَزَوِّجًا أَوْ خَاطِبًا فَكَانُوا يَحْمِلُونَ هَذَا اَلْأَمْر مِنْهَا عَلَى مَحْمَل اَلْأَثَرَة وَيَقُولُونَ إِنَّهَا اِمْرَأَة طَامِعَة لَا تُحِبّ إِلَّا أَنْ يَكُون عَاشِقهَا خَالِصًا لَهَا وَلَوْ أَنَّهُمْ عَرَفُوا حَقِيقَة أَمْرهَا وَأَلَمُّوا بِسَرِيرَة نَفْسهَا لعلموا أَنَّهَا اِمْرَأَة حَزِينَة مَنْكُوبَة قَدْ فجعها اَلدَّهْر فِي سَعَادَة اَلزَّوْجِيَّة فَعَرَفَتْ قِيمَتهَا فَهِيَ لَا تُحِبّ أَنْ تُفْجِع فِيهَا اِمْرَأَة غَيْرهَا.

لَقَدْ تَحَدَّثَ بَعْض اَلَّذِينَ أَلَمُّوا بِشُؤُون حَيَاتهَا اَلْخَاصَّة أَنَّهَا وَهَبَّتْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بَعْض اَلْفَتَيَات اَلْفَقِيرَات مُهُورًا يَسْتَعِنْ بِهَا عَلَى اَلزَّوَاج مِمَّنْ يُرِدْنَ فَلَمْ يُصَدِّق اَلنَّاس هَذَا اَلْخَبَر وَقَالُوا إِنَّ اَلسَّالِب لَا يَكُون وَاهِبًا وَإِنَّ يَنْبُوع اَلْخَيْر لَا يُمْكِن أَنْ يَنْفَجِر فِي قُلُوب اَلنِّسَاء اَلْفَاجِرَات وَلَكِنَّ اَلْحَقِيقَة أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ وَرُبَّمَا فَعَلَتْ أَكْثَر مِنْهُ هَذَا هُوَ قَلْب مَرْغِرِيت وَهَذِهِ هِيَ سَرِيرَة نَفْيهَا فَهِيَ فَتَاة فَاسِدَة وَلَكِنَّهَا غَيْر رَاضِيَة عَنْ فَسَادهَا وَسَاقِطَة وَلَكِنَّهَا لَا تُحِبّ أَنْ تَرَى اَلْفَتَيَات سَاقِطَات مَثَلهَا وَلَوْ كَانَ فِي اِسْتِطَاعَة اَلْمَرْأَة اَلسَّاقِطَة أَنْ تَسْتَرْجِع بِتَوْبَتِهَا وَإِنَابَتهَا مَكَانَتهَا فِي قُلُوب اَلنَّاس وَأَنْ تَمْحُو بِصَلَاحِهَا مَا سَلَفَ مِنْ فَسَادهَا لَكَانَتْ هِيَ أَقْرَب اَلنِّسَاء إِلَى اَلتَّوْبَة وَالنُّزُوع وَلَكِنَّ اَلْمُجْتَمَع اَلَّذِي أَسْقَطَهَا وَسَلَبَهَا ذَلِكَ اَلرِّدَاء مِنْ اَلشَّرَف اَلَّذِي كَانَتْ تَرْتَدِيه يَأْبَى عَلَيْهَا أَنْ يُعِيد إِلَيْهَا

<<  <   >  >>