تَعْرِفهُ وَعَجِبَتْ لِأَمْرِهِ كُلّ اَلْعَجَب وَتَمَنَّتْ لَوْ رَأَتْهُ فَشَكَرَتْ لَهُ هَذَا اَلْإِخْلَاص اَلنَّادِر اَلَّذِي لَا عَهْد لَهَا بِهِ فِي أَحَد مِنْ اَلنَّاس وَأَمَرَتْ خَادِمَتهَا أَنْ تُخْبِرهَا خَبَره إِنْ جَاءَ لِلسُّؤَالِ عَنْهَا مَرَّة أُخْرَى فَلَمْ يَلْبَث أَنْ جَاءَ وَكَانَتْ مَرْغِرِيت جَالِسَة فِي شُرْفَة اَلْمَنْزِل اَلْمُطِلَّة عَلَى اَلطَّرِيق فَرَأَتْهُ فَعَرَفَتْ أَنَّهُ ذَلِكَ اَلْفَتَى اَلْحَزِين اَلَّذِي كَانَتْ تَرَاهُ فِي اَلْمَقْصُورَة اَلْمُجَاوِرَة لِمَقْصُورَتِهَا فِي مَلْعَب اَلتَّمْثِيل وَأَنَّهُ صَاحِب تِلْكَ اَلْيَد اَلَّتِي اِمْتَدَّتْ لِمَعُونَتِهَا لَيْلَة اَلنَّازِلَة اَلَّتِي نَزَلَتْ بِهَا هُنَاكَ فَأَشَارَتْ إِلَى خَادِمَتهَا بِالنُّزُولِ إِلَيْهِ وَاسْتِدْعَائِهِ إِلَيْهَا فَفَعَلَتْ فَاضْطَرَبَ اَلْفَتِيّ لِهَذِهِ اَلدَّعْوَة اِضْطِرَابًا شَدِيدًا حَتَّى كَادَ يَرْفُضهَا ثُمَّ شَعَرَ بِمَكَان مَرْغِرِيت مِنْ اَلشُّرْفَة فَتَلُوم وَمَشْي وَرَاء اَلْخَادِمَة حَتَّى صَعِدَتْ بِهِ إِلَى غُرْفَة سَيِّدَتهَا فَتَرَكْته وَانْصَرَفْت فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَحَيَّاهَا وَوَجْهه يَرْفُض عِرْقًا وَلِسَانه لَا يَكَاد يُبَيِّن فَمَدَّتْ إِلَيْهِ يَدهَا فَتَنَاوَلَهَا وَقَبِلَهَا قُبْلَة طَوِيلَة عَرَفَتْ مَرْغِرِيت سِرّ مَا أُودِعهَا مِنْ عَوَاطِف قَلْبه وَهِيَ اَلْعَالِمَة بِأَسْرَار اَلْقُبُلَات ثُمَّ آذَنَتْهُ بِالْجُلُوسِ فَجَلَسَ فَأَنْشَأَتْ تُسَائِلهُ عَنْ نَفْسه وَعَنْ قَوْمه وَعَنْ سَبَب اِهْتِمَامه بِشَأْنِهَا وَتَبْتَسِم لَهُ فِيمَا بَيْن ذَلِكَ اِبْتِسَامَات تُلَاطِفهُ بِهَا وَتَمْسَح عَنْ فُؤَاده مَا أُلِمّ بِهِ مِنْ اَلرَّوْع فَحَدَّثَهَا أَنَّهُ غَرِيب عَنْ بَارِيس وَأَنَّهُ وَفَدَ إِلَيْهَا مُنْذُ عِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ بَلْدَته نيس لِيَقْضِيَ فِيهَا ثَلَاثَة أَشْهُر أُذُن لَهُ أَبُوهُ بِهَا طَلَبًا لِتَغْيِير اَلْهَوَاء وَتَرْوِيح اَلنَّفْس ثُمَّ يَعُود فِي نِهَايَتهَا إِلَى وَطَنه فَسَأَلَتْهُ هَلْ وَجَدَ اَلْمَقَام حَمِيدًا هُنَا فَصَمَتَ هُنَيْهَة ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهَا نَظْرَة مُنْكَسِرَة وَقَالَ لَا يَا سَيِّدَتِي قَالَتْ لِمَاذَا فَحَارَتْ بَيْن شَفَتَيْهِ كَلِمَة لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَنْطِق بِهَا فَعَادَ إِلَى صَمْته وَإِطْرَاقه فَأَعَادَتْ عَلَيْهِ سُؤَالهَا فَقَالَ لَهَا هَلْ تَأْذَنِينَ لِي يَا سَيِّدَتِي أَنْ أَقُول لَك كُلّ مَا فِي نَفْسِي فَشَعَرَتْ بِمَا فِي نَفْسه قَبْل أَنْ يَقُولهُ وَقَالَتْ لَهُ قُلْ مَا تَشَاء إِلَّا أَنْ تُطَارِحنِي حُبّك وَغَرَامك فَإِنَّنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute