للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهَا خَانَتْهُ وَخَانَتْ بَعْده بَلْ كَانَتْ مَدَنِيَّة بِمَال كَثِير لِبَعْض تُجَّار اَلْجَوَاهِر وَالثِّيَاب بَلْ أَصْبَحَ دَائِنُوهَا يَتَقَاضَوْنَهَا دُيُونهمْ بَعْد مَا عَلِمُوا أَنَّ اَلدُّوق قَاطَعَهَا وَنَفَضَ يَده مِنْهَا وَلَكِنَّهَا خَاطَرَتْ بِكَلِمَتِهَا مُخَاطَرَة لَمْ تُفَكِّر فِي عَاقِبَتهَا فَأَكْبَر أَرْمَان ذَلِكَ وَأَعْظَمه وَأَنْف مِنْهُ أَنَفَة شَدِيدَة وَأَبِي أَنْ يَعِيش مَعَهَا بِمَال غَيْر مَاله وَعَزَمَ أَنْ يُسَافِر إِلَى نيس لِيَأْتِيَ مِنْهَا بِالْمَالِ اَلَّذِي يُرِيدهُ فَأَزْعَجَهَا عَزْمه هَذَا إِزْعَاجًا شَدِيدًا وَخَافِت عَاقِبَته فَجَثَتْ بَيْن يَدَيْهِ تَسْتَعْطِفهُ وَتَسْتَرْحِمهُ وَتَبْذُل فِي ضَرَاعَتهَا وَرَجَائِهَا فِي سَبِيل بَقَائِهِ أَكْثَر مِمَّا بَذَلَتْ قَبْل اَلْيَوْم فِي سَبِيل رَحِيله حَتَّى أَذْعَنَ واستقاد وَرَضِيَ بِاَلَّتِي لَمْ يَكُنْ يَرْضَى بِمِثْلِهَا لَوْلَا لَهْفَة اَلْحُبّ وَضَرَاعَة اَلدُّمُوع وَقَدْ أَضْمَرَ فِي نَفْسه أَنْ يَتَنَازَل لَهَا عَنْ نَصِيبه فِي اَلْمِيرَاث اَلَّذِي وَرِثَهُ مِنْ أُمّه مُكَافَأَة لَهَا وَوَفَاء بِحَقِّهَا فَلَمْ يَكُنْ لِمَرْغِرِيت بَعْد ذَلِكَ بُدّ مِنْ أَنْ تَمُدّ يَدهَا إِلَى جَوَاهِرهَا وَذَخَائِرهَا فَأَنْشَأَتْ تَبِيع اَلْقِطْعَة بَعْد اَلْقِطْعَة لِتَسُدّ بَعْض دَيْنهَا وَتَقُوم بِنَفَقَة بَيْتهَا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَم أَرْمَان وَاسْتِمْرَار عَلَى ذَلِكَ بِضْعَة أَشْهُر حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِمَا فِي يَوْم مِنْ اَلْأَيَّام فِي سَاعَات أُنْسهمَا وَصَفَائِهِمَا خَادِم فُنْدُق تورين اَلَّذِي كَانَ يَنْزِل بِهِ أَرْكَان فِي بَارِيس وَقَالَ لَهُ إِنَّ وَالِده قَدْ وَصَّلَ اَلسَّاعَة إِلَى اَلْفُنْدُق وَإِنَّهُ يَنْتَظِرهُ هُنَاكَ قَالَ دوفال لِوَلَدِهِ لَقَدْ كَذَبَتْ عَلَيَّ كَثِيرًا يَا أَرْمَان وكا كُنْت قَبْل اَلْيَوْم كَذَّابًا وَلَا خَادِعًا وَرَضِيَتْ لِنَفْسِك بِحَيَاة كُنْت أَضَنّ اَلنَّاس بِنَفْسِك عَلَى مِثْلهَا مِنْ قَبْل وَمَزَّقَتْ بِيَدِك ذَلِكَ اَلْقِنَاع اَلْجَمِيل مِنْ اَلْحَيَاء اَلَّذِي لَا يَزَال مُسْبِلًا عَلَى وَجْهك وَأَصْبَحَتْ تَبْذُل فِي اَلْعَيْش مَعَ اِمْرَأَة عَاهِرَة كُلّ مَا لَهَا مِنْ اَلشَّأْن عِنْد نَفْسهَا.

<<  <   >  >>