لَا أُطِيق اَلنَّظَر إِلَى سَرِيرِي لِأَنَّ نَفْسِي تُحَدِّثنِي أَنَّهُ سَيَكُونُ عَمَّا قَلِيل سِلْم قَبْرِي وَلَا اَلْوُقُوف أَمَام مِرْآتِي لِأَنَّهَا تُحَدِّثنِي نَفْسَيْ أَسْوَأ اَلْأَحَادِيث وأشأمها وَلَا اَلْإِشْرَاف مِنْ نَافِذَتِي لِأَنَّهَا تُذَكِّرنِي بِحَيَاتِي اَلْمَاضِيَة اَلسَّعِيدَة اَلَّتِي حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنهَا فَأَيْنَ أَذْهَب وَكَيْفَ أَعِيش ? لَا آكُل إِلَّا طَعَامًا وَاحِدًا وَلَا أَرَى إِلَّا مَنْظَرًا مُتَكَرِّرًا وَلَا أَسْمَع إِلَّا صَوْت طَبِيبِي وَخَادِمَتِي حِينَمَا يَسْأَلهَا عَنِّي صَبَاح كُلّ يَوْم وَمَسَاءَهُ فَتُجِيبهُ بِجَوَاب وَاحِد حَتَّى مَلِلْت وَسَئِمْت وَأَصْبَحَتْ أَشْعَر أَنَّ نَفَسِي سَجِينه فِي صَدْرِي سَجْن جِسْمِي فِي غُرْفَتِي وَرُبَّمَا مَرَّتْ بِي سَاعَات يَقِف فِيهَا ذِهْنِي عَنْ اَلتَّفْكِير وَخَاطِرِي عَنْ اَلْحَرَكَة وَيَنْقَطِع مَا بَيْنِي وَبَيْن يَوْمِي وَأَمْسِي وَغَدِي.
وَكُلّ شَيْء فِي اَلْحَيَاة حَتَّى نَفْسِي.
اَلسُّعَال يَهْدِم أَرْكَان صَدْرِي هَدْمًا وَالنَّوْم لَا يُلِمّ بِعَيْنِي إِلَّا قَلِيلًا وَالطَّبِيب يُعَذِّبنِي بمشارطه وَضِمَادَاته عَذَابًا أَلِيمًا وَكُلّ يَوْم أَشْعُر أَنَّ نَفَسِي يَزْدَاد ضَيِّقًا وَبَصَرِيّ يَزْدَاد ظُلْمَة وَأَنَّ اَلْحَيَاة تَبْعُد عَنْ نَاظِرَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى أَكَاد أَحْسَبهَا شَبَحًا مِنْ اَلْأَشْبَاح اَلنَّائِيَة فَمَتَى يَنْقَضِي عَذَابِي ? سَمِعَتْ صَبَاح اَلْيَوْم كَثِيرًا فِي فَنَاء اَلْمَنْزِل فَسَأَلَتْ برودنس:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute