أَبِيك فَمَا أَسْوَأَ حَظّكُمْ يَا بَنِي اَلْأَحْمَر وَمَا أَعْظَمَ شَقَائِك أَيُّهَا اَلْأَمِير اَلْمِسْكِين فَلَمْ يَجِد سَبِيلًا بَعْد ذَلِكَ إِلَى كِتْمَان أَمْره فَأَنْشَأَ يَقُصّ عَلَيْهَا قَصَّتْهُ وَقِصَّة أَهْل بَيْته وَمَا صَنَعَتْ يَد اَلدَّهْر بِهِمْ مُنْذُ جَلُّوا عَنْ اَلْأَنْدَلُس حَتَّى اَلْيَوْم فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِصَّته نَظَرَ إِلَيْهَا نَظْرَة مُنْكَسِرَة وَقَالَ لَهَا فلورندا إِنَّ جَمِيع مَا لَقِيَتْهُ مِنْ اَلشَّقَاء بِالْأَمْسِ يَصْغُر بِجَانِب اَلشَّقَاء اَلَّذِي تَدَّخِرهُ لِي اَلْأَيَّام غَدًا قَالَتْ وَأَيّ شَقَاء يَنْتَظِرك أَكْثَر مِمَّا أَنْتَ فِيهِ فَأَطْرَقَ هُنَيْهَة ثُمَّ رَفَعَ رَأْسه وَقَالَ أَنَّنِي أَسْتَطِيع أَنْ أَحْتَمِل كُلّ شَيْء فِي اَلْحَيَاة إِلَّا أَنْ أُفَارِقك فِرَاقًا لَا لِقَاء مِنْ بَعْده قَالَتْ أتحبني أَيُّهَا اَلْأَمِير ? قَالَ نِعَم حُبّ اَلزَّهْرَة اَلذَّابِلَة لِلْقَطْرَةِ الهاطلة قَالَتْ وَهَلْ تَسْتَطِيع أَنْ تُحِبّ فَتَاة مَسِيحِيَّة لَا تَدِين بِدِينِك ? قَالَ نَعَمْ لِأَنَّ طَرِيق اَلدِّين فِي اَلْقَلْب غَيْر طَرِيق اَلْحُبّ وَلَقَدْ وَجَدَتْ فِيك اَلصِّفَات اَلَّتِي أُحِبّهَا فَأَحْبَبْتُك لَهَا ثُمَّ لَا شَأْن لِي بَعْد ذَلِكَ فِيمَا تَعْتَقِدِينَ قَالَتْ وَهَلْ تَسْتَطِيع أَنْ تُحِبّ بِلَا أَمَل قَالَ وَلِمَ لَا يَكُون اَلْحُبّ نَفْسه غَايَة مِنْ اَلْغَايَات اَلَّتِي نُجِدّ فِيهَا اَلسَّعَادَة إِنَّ ظُفْرنَا بِهَا وَمَتَى كَانَ لِلسَّعَادَةِ فيهذه اَلْحَيَاة نِهَايَة مَحْدُودَة فَلَا نَجِد اَلرَّاحَة إِلَّا إِذَا وَصَلْنَا إِلَيَّ نِهَايَتهَا ? وَكَانَ اَللَّيْل قَدْ أُظِلّهَا فَبَرِحَا مَكَانهمَا وَمَشَيَا يَتَحَدَّثَانِ حَتَّى بَلَّغَا اَلْمَوْضِع اَلَّذِي اِعْتَادَا أَنْ يَفْتَرِقَا فِيهَا فَوَضَعَتْ فلورندا يَده فِي يَدهَا وَقَالَتْ لَهُ سَأُحِبُّك كَمَا أَحْبَبْتنِي أَيُّهَا اَلْأَمِير وَسَيَكُونُ حَيّ لَك بِلَا أَمَل كَحُبِّك كَمَا أَحْبَبْتنِي أَيُّهَا اَلْأَمِير وَسَيَكُونُ حَيّ لَك بِلَا أَمَل كَحُبِّك وَلَقَدْ فَرَّقَ اَلدَّيْن بَيْن جَسَدَيْنَا فَلْيَجْمَعْ اَلْحُبّ بَيْن قَلْبَيْنَا وَتَرِكَته وَانْصَرَفْت.
ثُمَّ مَرَّتْ بِهِمَا بَعْد ذَلِكَ أَيَّام سَعْدًا فِيهَا بِنِعْمَة اَلْعَيْش سَعَادَة أَنْسَتْهُمَا جَمِيع مَا لَقِيَا فِي حَيَاتهمَا اَلْمَاضِيَة مِنْ شَقَاء وَعَنَاء فَأَصْبَحَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute