وَقَدْ قَرَّرَتْ فِي نَفْسهَا أَمْرًا. .
لَا أَعْرِف أَحَدًا مِنْ اَلنَّاس أُوصِيه بِك يَا بُنِيَ لِأَنَّ أَبَاك بِالْإِغْوَاءِ وَلِأَنَّ اَلرَّجُل اَلْوَحِيد اَلَّذِي كَانَ يُحِبّنِي فِي هَذَا اَلْعَالِم ذَهَب لِسَبِيلِهِ وَلَكِنِّي أَعْلَم أَنَّ لِهَذَا اَلْكَوْن إِلَهًا رَحِيمًا يَعْلَم دَخَائِل اَلْقُلُوب وَسَرَائِر اَلنُّفُوس وَيَرَى لَوْعَة اَلْحُزْن فِي أَفْئِدَة اَلْمَحْزُونِينَ ولاعج اَلشَّقَاء بَيْن جَوَانِح اَلْأَشْقِيَاء فَأَنَا أَكِلّ أَمْرك إِلَيْهِ وَأَتْرُكك بَيْن يَدَيْهِ فَهُوَ أَرْحَم بِك مِنْ جَمِيع اَلرُّحَمَاء لَا أَسْتَطِيع أَنْ أَعِيش لَك يَا بُنِّيَّتِي فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ اَلنَّاس لَا يُغْتَفَر لِي اَلذَّنْب اَلَّذِي أذنبته حَتَّى اَلَّذِي أَغْرَانِي بِهِ وَشَارَكَنِي فِيهِ فَأَنَا ذَاهِبَة إِلَى ذَلِكَ اَلْعَالَم اَلْعُلْوِيّ اَلْمَمْلُوء عَدْلًا وَرَحْمَة لَعَلِّي أَجِد فِيهِ مَنْ يَغْفِر لِي ذَنْبِي إِنْ كُنْت بَرِيئَة وَيَرْحَمنِي إِنْ كُنْت مُذْنِبَة.
لَا أُحِبّ ان تَكُون حَيَاتِي يَا بِنْيَة شُؤْمًا عَلَى حَيَاتك وَلَا أَنْ يَأْخُذك اَلنَّاس بِذَنْبِي كُلَّمَا رَأَوْك بِجَانِبِي فَأَنَا اتركك وَحْدك فِي هَذَا اَلْمَكَان لَعَلَّ رَاحِمًا مِنْ اَلنَّاس يَمُرّ بِك فَيَعْطِف عَلَيْك وَيَضُمّك إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَم شَيْئًا مِنْ أَمْرك فَتَعِيشِينَ فِي بَيْته سَعِيدَة هَانِئَة لَا تَعْرِفِينَ أَبَاك فَيُخْجِلك مَرْآهُ وَلَا أُمّك فَتُؤْلِمك ذِكْرَاهَا.
اَللَّهُمَّ إِنْ كُنْت تَعْلَم أَنَّ هَذِهِ اَلطِّفْلَة ضَعِيفَة عَاجِزَة تَحْتَاج إِلَى مَنْ يَرْحَمهَا وَيَكْفُل أَمْرهَا وَأَنَّنِي قَدْ أَصْبَحَتْ عَاجِزَة عَنْ اَلْبَقَاء بِجَانِبِهَا أَرْعَاهَا وَأَحْنُو عَلَيْهَا وَأَنَّهَا بَرِيئَة طَاهِرَة لَا يَد لَهَا فِي اَلَّذِي أذنبه أَبُوهَا فَارْحَمْهَا وَأَسْبَلَ عَلَيْهَا سِتْر مَعْرُوفك وَإِحْسَانك وهيء لَهَا صَدْرًا حَنُونًا وَمَهْدَا لَيِّنَا وَعَيْشًا رغيدا.
ثُمَّ بَدَأَتْ تَسُرّ ثِيَابهَا عَنْ جِسْمهَا وَتُغَطِّي بِهَا جِسْم اِبْنَتهَا وِقَايَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute