فَأَطْرَقَ اَلْأَمِير لَحْظَة ثُمَّ رَفَعَ رَأْسه وَقَالَ يقاد اَلْمُجْرِم إِلَى سَاحَة اَلْمَوْت فَيُصْلَب عَلَى أَعْوَاد شَجَرَة ثُمَّ تَفَصَّدَ عُرُوقه كُلّهَا حَتَّى لَا يَبْقَى فِي جِسْمه قَطْرَة وَاحِدَة مِنْ اَلدَّم فَصَرَخَ اَلْغُلَام صَرْخَة حَال اَلْأَعْوَان بَيْنه وَبَيْن إِتْمَامهَا وَاحْتَمَلُوهُ إِلَى اَلسِّجْن وَمَا لَبِثُوا أَنْ عَادُوا بِفَتَاة جَمِيلَة كَأَنَّهَا اَلْكَوْكَب المشبوب حُسْنًا وَبَهَاء لَوْلَا سَحَابَة غَبْرَاء مِنْ اَلْحُزْن تتدجى فَوْق جَبِينهَا فَقَالَ اَلْأَمِير مَا جَرِيمَتهَا فَقَالَ اَلْقَاضِي إِنَّهَا اِمْرَأَة زَانِيَة دَخَلَ عَلَيْهَا رَجُل مِنْ أَهْلهَا فَوَجَدَهَا خَالِيَة بِفَتِيّ غَرِيب كَانَ يُحِبّهَا وَيَطْمَع فِي اَلزَّوَاج مِنْهَا قَبْل اَلْيَوْم فَهَاجَ اَلنَّاس واحتدموا وَهَتَفُوا اَلْقَتْل اَلْقَتْل اَلرَّجْم اَلرَّجْم!! إِنَّهَا اَلْجَرِيمَة اَلْعُظْمَى وَالْخِيَانَة اَلْكُبْرَى فَقَالَ اَلْأَمِير أَيْنَ شَاهَدَهَا ? فَدَخَلَ قَرِيبهَا اَلَّذِي كَشَفَ أَمْرهَا فَشَهِدَ عَلَيْهَا فَهَمْس اَلْقَاضِي فِي إِذَنْ اَلْأَمِير سَاعَة ثُمَّ قَالَ اَلْأَمِير تُؤْخَذ اَلْفَتَاة إِلَى سَاحَة اَلْمَوْت فَتَرْجَمَ عَارِيَة حت يَبْقَى عَلَى لَحْمهَا قِطْعَة جِلْد وَلَا عَلَى عَظْمهَا قِطْعَة لَحْم فَهَلَّلَ اَلنَّاس وَكَبَرُوا إِعْجَابًا بِعَدْل اَلْأَمِير وَحَزْمه وَإِكْبَارًا لِسَطْوَتِهِ وَقُوَّته وَهَتَفُوا لَهُ وَلِكَاهِنِهِ وَقَاضِيه بِالدُّعَاءِ ثُمَّ نَهَضَ فَنَهَضَ اَلنَّاس بِنُهُوضِهِ وَمَضَوْا لِسَبِيلِهِمْ فَرَحَيْنِ مُغْتَبِطَيْنِ وَخَرَجَتْ عَلَى أَثَرهمْ حرينا مُكْتَئِبًا أُفَكِّر فِي هَذِهِ اَلْمُحَاكَمَة اَلْغَرِيبَة اَلَّتِي لَمْ يَسْمَع فِيهَا دِفَاع اَلْمُتَّهَمِينَ عَنْ أَنْفُسهمْ وَلَمْ يَشْهَد فِيهَا عَلَى اَلْمُتَّهَمِينَ غَيْر خُصُومهمْ وَلَمْ تَقْدِر فِيهَا اَلْعُقُوبَات عَلَى مِقْدَار اَلْجَرَائِم وَأَعْجَب لِلنَّاسِ فِي ضَعْفهمْ واستخذائهم أَمَام اَلْقُوَّة اَلْقَاهِرَة وَغُلُوّهُمْ فِي تَقْدِيسهَا وإعظامها وَإِغْرَاقهمْ فِي اَلثِّقَة بِهَا وَالنُّزُول عَلَى حُكْمهَا عَدْلًا كَانَ أَوْ ظُلْمًا رَحْمَة أَوْ قَسْوَة وَأُرَدِّد فِي نَفْسَيْ هَذِهِ اَلْكَلِمَات.
لَيْتَ شِعْرِي أَلَّا يُوجَد بَيْن هَذِهِ اَلْجَمَاهِير لِصّ أَوْ قَاتَلَ أَوْ زَانَ يَعْلَم عُذْرهمْ فَيَرْحَمهُمْ وَيَنْظُر إِلَى جَرَائِمهمْ بِالْعَيْنِ اَلَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute