فذكر الوزير قوله فدعا به فقال: فافعل الذي وعدت، قال: قص علي قصتك وما دهاك، ففعل، فقال: أيها الوزير، قد حسدك عنده بعض أقاربه، وسبعك بحضرته، قال: فما الطريق إلى تحقق هذا من نفس الملك وصرفه على أحسن وجه؟ قال: الوجه في ذلك أن تلبس مسحاً وتأتي باب الملك في غلس، فإذا علم بمكانك وسأل عن قصتك فقل: إن الملك دعاني إلى أمر الموت أهون علي منه، ولكن كرهت خلافه، ففعل الوزير ذلك فتحلل ما كان عرض في نفس الملك.
استأذن رجل على عبد الملك بن مروان فأذن له فوقف بين يديه ووعظه، فقال عبد الملك بن مروان لرجل: قل للحاجب: إذا جاء هذا لا تمنعه، قال: وإنما أراد أن يعرفه الحاجب فلا يأذن له.
قال الأصمعي: كان رجل من ألأم الناس على اللبن، وكان كثير الرسل، فقال بعض الظرفاء: الموت أو أشرب من لبنه؛ وكان معه صاحب له فجاء وتغاشى على باب صاحب اللبن فخرج فقال: ما باله؟ فقال صاحبه: أتاه أمر الله تعالى، وهو أشرف بني تميم، أما إن آخر كلامه: أسقني اللبن، فقال اللئيم: يا غلام جىء بعلبة من لبن، فأتاه بها وأسنده إلى ظهره فسقاه فأتى عليها ثم تجشأ، فقال الظريف صاحب اللئيم: أرى هذه الجشأة راحة الموت، فقال اللئيم: أماتك الله وإياه.
أتي الحجاج بدواب لابن الأشعث فإذا سماتها عدة فوسم تحت ذلك للفرار.