قيل لأعرابي: إنكم لتكثرون الرحل والتحول وتهجرون الأوطان، فقال: إن الوطن ليس بأب والد ولا أم مرضع، فأي بلد طاب فيه عيشك، وحسنت فيه حالك، وكثر فيه دينارك ودرهمك، فاحطط به رحلك، فهو وطنك وأبوك وأمك ورحلك.
قال الأحنف: ما عرضت الإنصاف على أحد فقبله إلا هبته، ولا أباه إلا طمعت فيه.
قال ابن المقفع: العقول رسل الله تعالى إلى أهلها، والألسنة ترجمانها، والأقلام بردها.
هذا تمام الجزء الرابع، والخامس يقفوه على أثره، على المذهب المألوف في تحبير الكلام على فنونه، ورواية ما متح السماع به، وذكر ما تمت الشهادة عليه، فقدم مراقبة ربك على جميع أربك، وأعلم أنك بمرأى منه ومسمع، يعلم خائنة طرفك، وخافية صدرك، ولاحظ نعمة التي قد أكتنفتك، من شباب وجدة، وكفاية وراحة، وأرتبطها بالشكر، وأستدمها بالمواساة، وودعها بالحمد، وشرف نفسك بالعلم، وزينها بالحلم، تنل خير الدارين، وشرف المنزلتين.