الحمد لله جامع الشتات، ومخرج النبات، ومحيي الرفات، أحمده حمد من يسأله على ذلك الثبات. وأشهد أن لا إله إلا هو، شهادةً أدخرها ليوم الممات. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المنقذ به من الهلكات، المظهر على يديه من المعجزات خوارق العادات. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً تتضاعف على مر الأوقات.
وبعد،
فإنه كان من جملةٍ نعم الله تعالى علي، وعميم إحسانه إلي، أن قيض له في حال النشأة والصغر من فعل في حقي عنايةً ظهرت بركاتها أوان الشيخوخة والكبر، فحملني إلى مجالس الحديث، وأثبت اسمي في أهل الرواية والتحديث، وأخذ لي خطوط جماعة كبيرة، وثلة خطيرة من متعيني الرواة، وممن تقدم دروجه بالوفاة، والمتولي لذلك هو جدي الشيخ الأجل الصالح أبو القاسم هبة الله بن رمضان ابن أبي العلاء المقرئ -تغمده الله تعالى برضوانه، وأسكنه غرف جنانه- فاستخرت الله تعالى، وخرجت في هذا الكتاب جملةً من مشايخي المجيزين، متكلماً على حال كل واحد منهم على جهة الاختصار، متجنباً في ذلك للتطويل والإكثار، مرتباً لهم على قدم وفياتهم -أعاد الله تعالى علينا من بركاتهم- وخرجت في ترجمة كل شخص منهم حديثاً واحداً ليكون ذلك لي إن شاء الله تعالى يوم القيامة شاهداً فيها عليه بحسب ما يقتضيه الحال، منكباً عما يفضي إلى السآمة والإملال. وبدأت بذكر جدي المذكور أول الكتاب لما أشرت إليه في ترجمته من الأسباب. وإلى الله -سبحانه- الرغبة في حسن النية، وأن ينفعنا بذلك وسائر المسلمين بفضله - ورحمته. آمين.