للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما أراد أنهم كلهم يولدون على تلك البداية التي كانت في صلب آدم، فمنهم من جحدها بعد إقراره بها من الزنادقة الذين لا يعرفون الله عز وجل ولا يقرون به وغيرهم ممن لم يبلغه الإسلام في أقطار الأرض الذين لا يدينون ديناً، وسائر الناس بعد من أهل الملل مقرون بتلك الفطرة التي بدئ عليها خلقهم، فلست تلقى أحداً من أهل الملل وإن كان كافراً إلا وهو يقر بأن الله ربه، وهو في ذلك بالله كافرٌ حين خالف شريعة الإسلام.

وأما حديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكر فيه أن الله قال: ((خلقت عبادي حنفاء)) فإنما هو شبيه بقوله: ((كل مولود يولد على الفطرة)) وهذا أيضاً يوضح لك أن الفطرة في ذلك الحديث إنما أراد بها الخلق، ألا تراه يقول: ((خلقت عبادي حنفاء)) وذلك أنه لم يدعهم يوم أخذهم في صلب آدم إلا إلى حرف واحد، فأجابوه، فلزمهم في ذلك الموقف اسم الطاعة والاستجابة؛ لأنه قال: {ألست بربكم قالوا بلى} وهذا يشبه تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال لا إله إلا الله دخل الجنة)) فقال العلماء: إن هذا كان قبل نزول الفرائض، يقول: لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس في أول الأمر إلى

<<  <   >  >>