للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِسْلامُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ

١٥ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بْنِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ سُلْمَى الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: خَرَجَ كَعْبٌ وَبُجَيْرٌ ابْنَا زُهَيْرٍ حَتَّى أَتَيَا أَبْرَقَ الْعَزَّافَ قَالَ بُجَيْرٌ لِكَعْبٍ: اثْبُتْ فِي غَنَمِنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ حَتَّى آتِيَ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْمَعَ مِنْهُ فَثَبَتَ كَعْبٌ وَخَرَجَ بُجَيْرٌ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الإسلام فأسلم، وبلغ ذلك كعب قَالَ:

أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... عَلَى أَيِّ شيءٍ ويب غَيْرك دَلَّكَا

عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمًّا وَلا أَبًا ... عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيْهِ أَخًا لَكَا

⦗٥٤⦘

سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسِ رَوِيَّةٍ ... وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكَا

فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهْدَرَ دَمَهُ وَقَالَ: ((مَنْ لَقِيَ كَعْبًا فَلْيَقْتُلْهُ))، فَكَتَبَ بِذَلِكَ بُجَيْرٌ إِلَى أَخِيهِ يَذْكُرُ لَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَرَ دَمَهُ، وَيَقُولُ لَهُ: النَّجَاةَ وَمَا أَرَى أَنْ تَنْفَلِتَ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ: اعْلَمَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَأْتِيهِ أحدٌ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِلا قَبِلَ مِنْهُ وَأَسْقَطَ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَأَسْلِمْ وَأَقْبِلْ.

فَأَسْلَمَ كَعْبٌ، وَقَالَ الْقَصِيدَةَ الَّتِي مَدَحَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ مَكَانَ الْمَائِدَةِ مِنَ الْقَوْمِ يَتَحَلَّقُونَ مَعَهُ حَلَقَةً دُونَ حَلَقَةٍ يَلَتَفَّتُ إِلَى هَؤُلاءِ مَرَّةً وَإِلَى هَؤُلاءِ مَرَّةً فَيُحَدِّثُهُمْ. قَالَ كَعْبٌ: فَأَنَخْتُ رَاحِلَتِي بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَعَرَفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصُّفَّةِ، فَتَخَطَّيْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَيْهِ فَأَسْلَمْتُ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، الأَمَانَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: ((مَنْ أَنْتَ)) قُلْتُ: أَنَا كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: ((الَّذِي يَقُولُ)) ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: ((كَيْفَ قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ)) فَأَنْشَدَهُ أَبُو بَكْرٍ:

أَلا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... عَلَى أَيِّ شَيْءٍ ويب غَيْرك دَلَّكَا

عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمًّا وَلا أَبًا ... عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيْهِ أَخًا لَكَا

سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسِ رَوِيَّةٍ ... وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكَا

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قُلْتُ هَكَذَا، قَالَ: ((فَكَيْفَ قُلْتَ؟)) إِنَّمَا قُلْتُ:

سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ ... وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُورَ مِنْهَا وَعَلَّكَا

فَقَالَ: مَأْمُورٌ وَاللَّهِ

ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ الْقَصِيدَةَ كُلَّهَا حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا

قَالَ: وَأَمْلاهَا عَلَيَّ الْحَجَّاجُ بْنُ ذِي الرَّقِيبَةِ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا وَهِيَ هَذِهِ الْقَصِيدَةُ.

⦗٥٥⦘

بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتبولُ ... متيمٌ عِنْدَهَا لَمْ يفد مَغْلُولُ

وَمَا سُعَادُ غَدَاةُ الْبَيْنِ إِذْ ظَعَنُوا ... إِلا أَغَنُّ غَضِيضَ الطَّرفِ مَكْحُولُ

⦗٥٦⦘

تَجْلُو عَوَارِضَ ذِي ظُلَمٍ إِذَا ابْتَسَمَتْ ... كَأَنَّهُ مُنْهَلٌ بِالْكَأْسِ مَعْلُولُ

شَجَّ السُّقَاةُ عَلَيْهِ مَاء محنية ... مِنْ مَاءِ أَبْطَحَ أَمْسَى وَهُوَ مَشْمُولُ

تَنْفِي الرِّيَاحُ الْقَذَا عَنْهُ وَأَفْرَطَهُ ... مِنْ صَوْبِ غَادِيَةٍ بِيضٍ يَعَالِيلُ

سُقْيًا لَهَا خلةٌ لَوْ أَنَّهَا صَدَقَتْ ... مَوْعُودَهَا أَوْ لَوْ أَنَّ الْعُذْرَ مَقْبُولُ

لَكِنَّهَا خُلَّةٌ قَدْ شِيطَ مِنْ دَمِهَا ... فجعٌ وولعٌ وَإِخْلافٌ وَتَبْدِيلُ

فَمَا تَدُومُ عَلَى حَالٍ تَكُونُ بِهَا ... كَمَا تَلَوَّنُ فِي أَثْوَابِهَا الْغولُ

وَلا تَمَسَّكَ بِالْعَهْدِ الَّذِي زَعَمَتْ ... إِلا كَمَا يُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَابِيلُ

كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلا ... وَهَلْ مَوَاعِيدُهَا إِلا الأَبَاطِيلُ

فَلا يَغُرَّنَّكَ مَا مَنَّتْ وَمَا وَعَدَتْ ... إِنَّ الأَمَانِيَ وَالأَحْلَامَ تَضْلِيلُ

أَمْسَتْ سُعَادُ بِأَرْضٍ مَا يُبَلِّغُهَا ... إِلا الْعِتَاقُ النَّجِيبَاتُ الْمَرَاسِيلُ

وَلَنْ يُبَلِّغَهَا إِلا غدافرةٌ ... فِيهَا عَلَى الأَيْنِ إرقالٌ وَتَبْغِيلُ

مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إِذَا عَرِقَتْ ... عُرْضَتُهَا طَامِسُ الأَعْلامِ مجهول

يجدوا القراد عليها ثم يزلقه ... منها لبان وأقرب زهاليل

غيرانة قُذِفَتْ بِالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ ... مِرْفَقُهَا عَنْ ضُلُوعِ الذور مَفْتُولُ

كَأَنَّمَا فَاتَ عَيْنَيْهَا وَمَذْبَحَهَا ... مِنْ خَطْمِهَا وَمِنَ اللَّحْيَيْنِ بَرطِيلُ

تَمُرُّ مِثْلَ عَسِيبَ النَّخْلِ ذَا خُصَلٍ ... بِغَارِبٍ لَمْ تَخَوَّنَهُ الأَحَالِيلُ

قَنْوَاءُ فِي حُرِّيَّتِهَا لِلْبَصِيرِ بِهَا ... عِتْقٌ مُبِينٌ وَفِي الْخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ

تَخدِي عَلَى يَسَرَاتٍ وَهِيَ لاهِيَةٌ ... ذَوَابِلُ وَقعُهُنَّ الأَرْضَ تَحْلِيلُ

حَرْفٌ أَبُوهَا أَخُوهَا مِنْ مُهَجَّنَةٍ ... وَعَمُّهَا خَالُهَا قَوْدَاءُ شَمْلِيلُ

سُمْرُ العجايات يتركن الحصى زيماً ... لَمْ يَقِهِنَّ رُءُوسُ الأُكُمِ تَنْعِيلُ

يَوْمًا يَظَلُّ حِدَابُ الأَرْضِ يَرْفَعُهَا ... مِنَ اللَّوَامِعِ تَخْلِيطٌ وَتَزْبِيلُ

كَأَنَّ أَوْبَ يَدَيْهَا بَعْدَ عَرَقٍ ... وَقَدْ تَلَفَّعَ بالقور العساقيل

أوب بدى فاقد شمطاء معولة ... قامت وجوابها شمطٌ مَثَاكِيلُ

⦗٥٧⦘

نَوَّاحَةٌ رَخْوَةُ الضَّبَعَيْنِ لَيْسَ لَهَا ... لَمَّا نَعَى بِكْرَهَا النَّاعُونَ مَعْقُولُ

يَسْعَى الْغُوَاةُ بجنبتيها وقولهم ... إنك با ابْنَ أَبِي سُلْمَى لَمَقْتُولُ

خَلُّوا سَبِيلَ يَدَيْهَا لا أباً لكم ... فكلما قَدَّرَ الرَّحْمَنُ مَفْعُولُ

كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلامَتُهُ ... يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ

نُبِّئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَوْعَدَنِي ... وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَأْمُولُ

مَهْلا هَدَاكَ الَّذِي أَعْطَاكَ نَافِلَةَ ... الْفُرْقَانِ فِيهِ مَوَاعِيظٌ وَتَفْصِيلُ

لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ فَلَمْ ... أُذْنِبْ وَلَوْ كَثُرَتْ ((فِيَّ الأَقَاوِيلُ

لَقَدْ أَقُومُ مُقَامًا لَوْ يَقُومُ بِهِ ... أرى وأسمع ما لم يَسْمَعُ الْفِيلُ

لَظَلَّ يُرْعِدُ إِلا أَنْ يَكُونَ بِهِ ... عِنْدَ الرَّسُولِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَنْوِيلُ

حَتَّى وَضَعْتُ يَمِينِي لا أُنَازِعُهُ ... فِي كَفِّ ذِي نَعَمَاتٍ قِيلُهُ الْقِيلُ

وَكَانَ أَخْوَفَ عِنْدِي إِذْ أُكَلِّمُهُ ... وَقِيلَ إِنَّكَ مَنْسُوبٌ وَمَسْئُولُ

مِنْ خَادِرٍ شَبِكِ الأَنْيَابِ طَاعَ لَهُ ... بِبَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونه غيل

يغدو فيلجم ضرغامين عيشهما ... لحمٌ من القوم تعفورٌ خَرَادِيلُ

مِنْهُ تَظَلُّ حَمِيرُ الْوَحْشِ ضَامِرَةً ... وَلا تُمَشِّي بِوَادِيهِ الأَرَاجِيلُ

وَلا يَزَالُ بِوَادِيهِ أَخُو ثِقَةٍ ... مُضَرَّحُ اللَّحْمِ وَالدَّرَسَانِ مَأْكُولُ

إِنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ ... وَصَارِمٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ مَسْلُولُ

⦗٥٨⦘

فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ ... بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا

زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلا كُشُفٌ ... عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلا ميلٌ مَعَازِيلُ

شُمُّ الْعَرَانينِ أبطالٌ لَبُوسُهُمْ ... مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ فِي الْهَيْجَا سَرَابِيلُ

بِيضٌ سَوَابِغُ قَدْ شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ ... كَأَنَّهَا حَلَقُ الْقَفْعَاءِ مَجْدُولُ

يَمْشُونَ مَشْيَ الْجِمَالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ ... ضَرْبٌ إِذَا عَرَّدَ السُّودُ التَّنَابِيلُ

لا يَفْرَحُونَ إِذَا مَالَتْ رِمَاحُهُمْ ... قَوْمًا وَلَيْسُوا مَجَازِيعًا إِذَا نِيلُوا

لا يقطع الطَّعْنُ إِلا فِي نُحُورِهِمْ ... وَمَا لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ

<<  <   >  >>