ليصلى عَلَيْهِ جاء طائر أبيض حَتَّى وقع عَلَى أكفانه ثُمَّ دخل فِيهَا، فالتمس فلم يوجد، فلما سوي عَلَيْهِ التراب سمعنا من نسمع صوته ولا نرى شخصه:{يَأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}
فِي الْحَدِيث دلالة ظاهرة عَلَى أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أسخى الناس، وأشجع الناس، وهما خصلتان تعرف إحداهما من الأخرى، من حيث المعني، لأنهما يدلان عَلَى قوة النفس وعلو الهمة وعظم الثقة بالله تَعَالَى.
والجود خصلة حميدة، والله تَعَالَى جبل نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أحسن الأخلاق، وأكرم الطباع، وأطهر الخصال. روي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مَا سئل شيئا قط فَقَالَ: لا، سأله رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فعاد الرجل إِلَى قومه فَقَالَ: أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة.
وفيه دلالة عَلَى استجاب زيادة البذل وتوسيع النفقة فِي رمضان، لما يرجي من القبول والثواب ومضاعفة الأجر، ويسمي رمضان:" شهر الجود " وفيه دليل عَلَى أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عند لقاء جبريل عَلَيْهِ السَّلامُ أجمع هما وأصفي وقتا، وأقوى حالا، وفي ذَلِكَ أمارة عَلَى أن صحبة الصالحين مؤثرة فِي دين الرجل وعمله، وقد قيل:" لقاء أهل الْخَيْر عمارة القلوب ".
وفيه دلالة عَلَى استحباب مدارسة العلم بالليل لقلة الشغل وحضور القلب وفراغ النفس.