١- أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب، نا محمد بن أحمد المديني، نا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان، نا جعفر علي البغدادي، نا أبو الفضائل محمد بن أحمد، نا عبد الرحمن، عن أبيه، قال:
قال عطاء السليمي: قدمت الكوفة في بعض تجارةٍ لي، فأزف بي العيد، وصنعت شيئاً من عصيدةٍ، وجلست على باب الدار ألتمس من يأكلها معي، فإذا أبا بعُليّان المجنون، فقلت: عُليان؟ فقال: عطاءٌ؟ فقلت: عطاءٌ؟ قال: السليمي؟ قلت: السليمي؛ قال: ما أقدمك إلى بلدتنا يا غريب؟ قلت: التجارة؛ وقد اصطنعت شيئاً من عصيدةٍ، فأنا قاعدٌ على باب الدار، ألتمس من يدخل فيأكلها معي.
قال: فدخل، فوضعتها بين يديه، فقال: شلها، فإن أعضائي تتطرف أن تأكل من هذا شيئاً.
قال: ثم قال لي: أين أنت عن فالوذج العارفين؟ [قلت: وما هو؟]⦗٢٢⦘ قال: تأخذ قند الصفاء، وزيت البهاء، وزعفران الرضا، ونشاء المعرفة، فتذيبه بماء الحياة، ثم تنصب ديكدان القلق، وترقب طنجير الملق، حتى يرغي رغاء الصبر، ويزبد زبد التوكل، ثم تضربه بإسطام الهيبة، وتوقد تحته قصب الشوق، حتى يشتعل بنار الهوى، فإذا فرغت منه بسطته على صحائف قرب الأنس، حتى يضربه نسيم الحياة، فإذا أكلت منه أول لقمةٍ، هاج ألم الضمير إلى مهيجها، وباحت الأنفس بما فيها، وبكت بكاء من يبكيها، [شوقاً إلى من يؤنسها ويحييها؛] وأنشأ يقول:
فهام بحب الله في القفر سائحاً ... وحطت على روح القدوم رواحله
فعاد بشوقٍ قد نضا فقد حاله ... تذوب به أعضاؤه ومفاصله