للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رواية غير تلك التي رجحها شيخه.

وإذا كان الواجب يقتضينا أن نهتبل هذه الفرصة وننتهزها فلا ندعها تمر من غير أن نستخلص منها عبرة أو فائدة؛ فإن مما يؤكد عليه ما كان عليه بعض التلاميذ آنذاك من الحرص على الفائدة والعون لأساتذتهم في مهمتهم على الطريق؛ والسبب في فتح آفاق جديدة عليهم في عالم العلم والمعرفة وما كان يتحلى به أولئك الأساتذة العظام وهم أئمة عصرهم من تواضع جمّ، وإنصاف عجيب، وتشجيع لا يقف عند حدّ، ساعد على دفع عجلة العلم نحو التقدم والازدهار.

وإن هذا الموقف المشرق ليذكرنا بموقف مشرق مثيله وما أكثرها تلك المواقف الجميلة التي بين المشايخ وطلابهم مما يدّل على مدى الترابط والتلاحم، والحب، والألفة، والنية الصادقة المخلصة، مما يصلح أن يكون لنا مثلا يحتذى، وعدة في مسيرتنا ونهضتنا العلمية، وسط ما يحيط بها من عواصف ويكتنفها من غياهب.

هذا الموقف المشابه كان بين ابن عيينة وتلميذه ابن المديني فقد روى أن ابن عيينة قال في حق تلميذه ابن المديني: "يلومونني على حبّ علي والله لما أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني".

وكذا روى عن يحيى بن سعيد القطان وهو من شيوخ علي بن المديني أيضاً أنه قال فيه: "أنا أتعلّم من علي أكثر مما يتعلّم مني".

ولا ننسى أن علي بن المديني الذي حصل على هذا الثناء الرفيع والتقدير العظيم هو أحد شيوخ البخاري الذين أثّروا فيه، والذين سار

<<  <  ج: ص:  >  >>