للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العظيمة الغالية من شيخه البخاري، التي لا شك أنها كانت له نبراساً وزاداً على الطريق، وموجها ودافعاً قوياً إلى الأمام.

ولا أدلّ على ذلك من محافظته عليها وتمسكه واعتزازه بها؛ إذ كان يتحدث عنها فيقول: قال لي محمد بن إسماعيل ثم يذكرها.

وكيف لا يحرص عليها كل هذا الحرص وهي صادرة عن شيخه الذي عرف مكانته، وعلو كعبه، ورجاحة عقله.

وفي تقديري أن هذه الشهادة التي تتجلى بها مكانة الترمذي تأتي على رأس ما حظي به من ثناء على مرّ العصور، فلقد زاد من قيمة هذه الشهادة كونها من البخاري إمام العلماء وعلم الأئمة.

ولا تتصوّر أن الترمذي الذي ناظر شيخه وذاكره كان مقلداً له لم يكن له رأي مستقل به، بل أنه وافقه، وخالفه، واجتهد في المسائل على ضوء ما يظهر له منها، ولا أدل على هذا القول من الحديث الثاني إذ يرى الترمذي اختلاف الرواة فيه موجباً لاضطرابه فيسأل عنه الحافظ الدارمي عبد الله بن عبد الرحمن: أي الروايات فيه أصحّ؟ إلا أن الدارمي على جلالة قدره يتوقف، ولم يبد رأيه بترجيح أو غيره.

ويسأل عنه شيخه البخاري؟ فكان موقفه أولا يشبه تماماً موقف الدارمي، ثم أدّاه اجتهاده، فاختار إحدى الروايات ووضعها في كتابه "الجامع الصحيح".

أما الترمذي فإنه –بما توفر له من أدلة- خالف اجتهاد شيخه فرجح

<<  <  ج: ص:  >  >>