للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومخرج منه". فذكر أنه سأل الدارمي عن أصح الروايات في ذلك؟ إلا أن الدارمي على جلالة قدره توقف، ولم يقض فيها بشيء، فلم يبد رأيه في الموضوع، ولم يفصل فيه بشيء لا بترجيح ولا غيره.

وذكر أنه سأل البخاري عن الموضوع؟ فكان موقفه منه مبدئياً يشبه تماماً موقف الدارمي أقر بالاضطراب، ولم يحكم فيه بشيء، ثم أداه اجتهاده إلى غير ذلك فاختار إحدى الروايات، وهي رواية زهير ووضعها في كتابه "الجامع الصحيح" وهذا ما نبه عليه الترمذي بقوله: "وكأنه –أي البخاري- رأى حديث زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود أشبه، ووضعه في كتاب "الجامع".

فالبخاري بوضعه لرواية زهير في "صحيحه" يشير إلى ذلك الاجتهاد والترجيح من غير أن يصرّح. وبهذا الصنيع يكون البخاري قضى على الاضطراب.

أما الترمذي فإنه خالف شيخه، وخالف اجتهاده، فرجح رواية أخرى غير الرواية التي رجحها شيخه. فقد اجتهد الترمذي في إزالة هذا الاضطراب وأبدى رأيه، فرجح –بما ذكره من وجوه الترجيح الثلاثة- رواية إسرائيل على باقي الروايات بما فيها رواية زهير التي اختارها شيخه، وأودعها جامعه الصحيح.

وهذا يظهر لنا استقلال الترمذي وثقله في الميدان العلمي، وتمسكه بما يقوم لديه من دليل وحجة، فلم يقلد شيخه فيما رآه وذهب إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>