للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفصل فيه بشيء لا بترجيح ولا غيره.

وأما البخاري فكان موقفه من الاضطراب مبدئياً يشبه تماماً موقف الدارمي، أقر بالاضطراب، ولم يحكم فيه بشيء، ثم أداه اجتهاده إلى غير ذلك، فاختار إحدى الروايات، وأودعها كتابه "الجامع الصحيح". يبقى بعد ذلك الترمذي فإنه –بما توفر لديه من أدلة- خالف شيخه، وخالف اجتهاده، فرأى ترجيح رواية غير تلك التي رجحها شيخه. كما يتضح ذلك جلياً في الحديث السادس والعشرون وقد ناظر الترمذي شيخه البخاري في ترجيح بعض الرواة الضعفاء على بعض، مما تظهر فائدته عند التعارض، فقد كان رأي البخاري أن رشدين بن كريب أرجح من أخيه محمد، وكان رأي الترمذي بالعكس، وهو أن محمداً أرجح من رشدين. إلى غير ذلك مما تجده في أحاديث هذه الرسالة. ...

ولا يخفى أنني أوليت تلك الناحية في الإمام الترمذي جل اهتمامي، وحرصت على إبرازها سواء عند الكلام على الأحاديث التي اقتضتها، أو في ترجمة الترمذي حيث ركزت على هذه الناحية فيه، ووجهت نظر القارئ إليها.

هذا ولما كان موضوع هذه الرسالة –كما أسلفت- في علل الحديث فقد دعاني ذلك إلى تخصيص كلمة تحدثت فيها عن أهمية علم علل الحديث، ومنزلته من علوم الحديث،

<<  <  ج: ص:  >  >>