للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤ - (٣٧) حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمُخَرِّمِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ.

ح وَحَدَّثَنَا/ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثَنَا مُعَاذٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْجُحْرِ».

هَذَا حَدِيثُ إِسْحَاقَ، وَزَادَ: قَالُوا لِقَتَادَةَ: مَا تَكْرَهُ مِنَ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ؟، قَالَ: يُقَالُ إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ (١).


(١) رجال الإسناد:
أبو جعفر المخرمي، محمد بن عبد الله بن المبارك: وهو محمد بن عبد الله بن المبارك القرشي المخرمي، أبو جعفر البغدادي المدائني، شيخ المصنف، ثقة حافظ، روى عن عبد الرحمن بن مهدي وابن معين ويحيى القطان ووكيع بن الجراح ومعاذ بن هشام الدستوائي، وروى عنه المصنف والبخاري وأبو داود والنسائي وأبو حاتم الرازي وابن خزيمة وعبد الله بن أحمد. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٥/ ٥٣٤)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٩/ ٢٧٢)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٤٩٠ رقم ٦٠٤٥)].
معاذ بن هشام: وهو معاذ بن هشام بن أبى عبد الله: سَنْبَر الدَّسْتَوَائِىّ البصري، صدوق ربما وهم، روى عن أبيه هشام الدستوائي، وشعبة وابن عون، وروى عنه أحمد بن حنبل وابن راهويه وابن المديني وبندار ومحمد بن عبد الله بن المبارك. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٨/ ١٣٩)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١٠/ ١٩٦)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥٣٦ رقم ٦٧٤٢)].
إسحاق بن منصور: وهو الكوسج شيخ المصنف، وقد تقدم.
أبو معاذ هشام: وهو هشام بن أبى عبد الله: سَنْبَر الدستوائي، أبو بكر البصري، ثقة ثبت، روى عن أيو السختياني وقتادة ويحيى بن أبي كثير ومطر الوراق، وروى عنه ابناه عبد الله ومعاذ، وابن علية وابن مهدي والفضل بن دكين وغندر. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣٠/ ٢١٥)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١١/ ٤٣)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥٧٢ رقم ٧٢٩٩)].
قتادة: وهو قتادة بن دِعَامَة بن قتادة، ويقال: بن عُكَابَة، السَّدُوسِيّ، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، وقد وصفه النسائي بالتدليس [ذكر المدلسين، ط ١، (ص ١٢١)] وأشار إلى ذلك شعبة [انظر: ابن سعد، الطبقات، ط ١، (٧/ ٢٢٩)] وغيره، روى عن أنس بن مالك وعبد الله بن سرجس وأبي الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنهم، ولم يسمع من غيرهم من الصحابة، وروى عنه أيوب السختياني وحماد بن سلمة وحميد الطويل وشعبة والأعمش وابن أبي عروبة وهشام الدستوائي. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٣/ ٤٩٨)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٨/ ٣٥١)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٤٥٣ رقم ٥٥١٨)].
عبد الله بن سرجس: وهو الصحابي الجليل عبد الله بن سَرْجِسَ المزني، حليف بني مخزوم، البصري، رضي الله عنه، روى عنه قتادة السدوسي وعاصم الأحول ومسلم بن أبي مريم وعثمان بن حكيم بن عباد بن حنيف. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١٥/ ١٣)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٥/ ٢٣٢)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٣٠٥ رقم ٣٣٤٥)].
وهذا إسناد حسن؛ لحال معاذ بن هشام الدستوائي؛ فإنه صدوق، ربما وهم.

التخريج:
أخرجه أحمد في المسند (٣٤/ ٣٧٢) (٢٠٧٧٥) وأبو داود في السنن (٢٩) والنسائي في السنن (٣٤) كلهم عن معاذ بن هشام الدستوائي به.
وقد اختلف في سماع قتادة من عبد الله بن سرجس، وقد رجح جماعةٌ سماعَ قتادة من عبد الله بن سرجس، منهم: أحمد وابن المديني وأبو زرعة وأبو حاتم (ونص على أنه لقيه) وغيرهم، [انظر: أحمد، العلل، (٤٣٠٠)، ابن أبي حاتم، المراسيل، ط ١، (ص ١٧٥)، الجرح والتعديل، ط ١، (٧/ ١٣٣)].
ونُقِلَ عن أحمد توقفه في سماع قتادة من ابن سرجس: «(ما أعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن أنس)، قيل له: فابن سرجس؟ فكأنه لم يره سماعا». [ابن أبي حاتم، المراسيل، ط ١، (ص ١٦٨، ١٦٩)]، وقال ابن دقيق العيد: «لَيْسَ فِيمَا قَالَ الإِمَامُ أَحْمدُ جزمٌ للانقطاع» [ابن دقيق، الإمام، ط ١، (٢/ ٤٥٩)]، قلت: وقد جزم الإمام أحمد بالسماع في موضع آخر كما سبق بيانه، والحديث من رواية معاذ بن هشام الدَّسْتَوَائِيِّ عن أبيه، وهشام من أثبت الناس في قتادة، كما جاء عن ابن معين، وعنه أيضا عن أن شعبة، قال: «هشام الدستوائي أعلم بقتادة وأكثر مجالسة له مني». [انظر: المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٣/ ٥١٤، ٥١٦)]
والصواب والله أعلم أن قتادة سمع من عبد الله بن سرجس، وكانا متعاصرين في البصرة، فاحتمال اللقيِّ ثابت.
وقال الحاكم: «هذا حديث على شرط الشيخين؛ فقد احتجا بجميع رواته!، ولعل متوهما يتوهم أن قتادة لم يذكر سماعه من عبد الله بن سرجس، وليس هذا بمستبعد [أي: السماع]؛ فقد سمع قتادة من جماعة من الصحابة لم يسمع منهم عاصم بن سليمان الأحول، وقد احتج مسلم بحديث عاصم، عن عبد الله بن سرجس وهو من ساكني البصرة» [الحاكم، المستدرك، ط ١، (١/ ٢٩٧)].
قلت: وهذا خلاف ما قرره الحاكم [معرفة علوم الحديث، ط ٢، (ص ١١١)]؛ حيث قال: «فليعلم صاحب الحديث ... أن قتادة لم يسمع من صحابي غير أنس ... وأن ذلك كله يخفى إلا على الحفاظ للحديث»!، لكن الصواب والله أعلم أنه لا يعرف لقتادة رواية عن الصحابة إلا عن أنس وابن سرجس، وقد قال أبو حاتم: «لم يلق من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنسا وعبد الله بن سرجس» [ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل، ط ١، (٧/ ١٣٣)]، وقد شاركه فيهما عاصم الأحول، فلا أدري ما المقصود بالجماعة من الصحابة في كلام الحاكم رحمه الله؟!، إلا أن تكون روايته عنهم مرسلة، فلا حجة ولا احتجاج إذن، والله أعلم.
أو لعله يقصد بالجماعة من الصحابة: أنس وابن سرجس وأبي الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنهم؛ فقد أثبت ابن المديني سماع قتادة من أبي الطفيل [انظر: العلائي، جامع التحصيل، ط ١، (ص ٢٥٥)].
قلت: ومما يؤكد كلام ابن المديني، ما أخرجه أحمد في العلل [رواية ابنه عبد الله (١/ ٤٠٩) (ح ١٩٩٥)] والبخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٥٩) معلقًا، من طريق قتادة، أنه قال: «سألت أبا الطفيل عن شيء، فقال: (إن لكل مقام مقالا)»، وإسناده صحيح، والله أعلم.
إلا أن قتادة لم يصرح بالتحديث هنا، وهو مشهور بالتدليس، لكنني وجدت كلاما للإمام أحمد رحمه الله لعله يفيد سماعه هذا الحديث، والله أعلم؛ فقد سئل: «سمع قتادة من عبد الله بن سرجس؟، قال: نعم، قد حدث عنه هِشَام، يعني: عن قتادة، عن عبد الله بن سَرجَس حديثًا واحدًا، وقد حدث عنه [أي: عن ابن سرجس] عَاصِم الأَحوَل». [أحمد، العلل، ط ١، (٣/ ٧٩)]، ولم أجد في المسند -بعد بحث أكثر من مرة- طريق هشام عن قتادة عن ابن سرجس غير حديثنا هذا، فيظهر والله أعلم أنه هو الحديث الذي عناه الإمام أحمد، وأثبت فيه سماع قتادة من ابن سرجس، ولعل اقتران ذكر عاصم الأحول بقتادة في اشتراكهما في الرواية عن ابن سرجس عند الإمام أحمد يعني استواءهما عنده في ثبوت السماع، والله أعلم.
وعليه فالقول بصحة الحديث أوجه وأولى، والعلم عند الله تعالى.
وقال ابن خزيمة: «أنهى عن البول في الأجحرة؛ لخبر عبد الله بن سرجس أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لا يبولن أحدكم في الجحر)، وقال قتادة: (إنها مساكن الجن)، ولست أبت القول: إنها مسكن الجن؛ لأن هذا من قول قتادة» [انظر: الحاكم، المستدرك، ط ١، (١/ ٢٩٧)].
وقد ورد القول بأنها مساكن الجن عن إبراهيم النخعي عند ابن أبي الدنيا في الهواتف (ص ١١٩) (ح ١٣٤)، ولكنه لا يصح؛ لروايته من طريق حسام بن مِصَكٍّ البصري، وهو ضعيف يكاد أن يترك، كما قال ابن حجر [التقريب، ط ١، (ص ١٥٧) رقم (١١٩٣)].
وذكر هذا الحديث ابن السكن في صحاحه المأثورة ثم قال: «يعني: أنه مقعد الجن، ويأخُذ منهُ الوساوس». [انظر: ابن الملقن، البدر المنير، ط ١، (٢/ ٣٢٢)]
و «الجُحْر» (بضم جيم وسكون حاء مهملة):الثُقب، فإنه مأوى الهوامِّ المؤذية، فلا يؤمَن أن يصيبه مضرَّةٌ منها. [السندي، حاشية المسند، ط ١، (٥/ ٩٧)]
طرف الحديث: [ابن حجر، إتحاف المهرة، ط ١، (٦/ ٦٦٦) برقم (٧١٦٨)].

<<  <   >  >>