للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يحاول سيدنا عيسى أن يُبشِّر بدعوته خارج فلسطين، ولم يحاول أنْ يجاهد من أجلها.

أما رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه أرسل إلى الناس جميعاً، أنه أرسل إلى الناس جميعاً من حيث المكان، وأرسل إليهم جميعاً من حيث الزمان، فهو الرسول الدائم زماناً ومكاناً.

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (١).

وقد تكفل الله تعالى بحفظ الكتاب الذي أنزله على رسوله، - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضماناً لهذا العموم في الزمان وفي المكان، وتحقيقاً له.

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٢).

ومن أجل هذا الوعد بحفظ الوحي كاملاً غير منقوص، صحيحاً غير مزيف، كانت الحكمة الإلهية في أنَّ الإنسانية لا تحتاج إلى رسول بعد الرسول، ولا إلى نبي بعد النبي، إنه - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ -: خاتم الرسل، وخاتم الأنبياء.

ولقد امتزج رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، برسالته الخالدة، فكان هو هي شرحاً وتفصيلاً.

وكانت هي هو بياناً لمعدنه وجوهره، وخلافة له، ونيابة عنه.

تقول السيدة عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: «لَقَدْ كَانَ خُلُقُهُ القُرْآنُ» وهذه الكلمة من السيدة عائشة، - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا - تحتاج إلى تحديد وبيان. ذلك أنَّ القرآن يُحَدِّدُ


(١) [سورة الأعراف، الآية: ١٥٨].
(٢) [سورة الحجر، الآية: ٩].

<<  <   >  >>