للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكان أسلافنا يعتبرون الإعلان عن الكذَّابين وفضحهم والتشهير بهم من الدين، يقول عبد الرحمن بن مهدي: «سَأَلْتُ شُعْبَةَ وَابْنَ الْمُبَارَكِ وَالثَّوْرِيَّ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنِ الرَّجُلِ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ، فَقَالُوا: انْشُرْهُ فَإِنَّهُ دِينٌ».

وعن يحيى بن سعيد قَالَ: «سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَشُعْبَةَ، وَمَالِكًا، وَابْنَ عُيَيْنَةَ، عَنِ الرَّجُلِ لاَ يَكُونُ ثَبْتًا فِي الْحَدِيثِ، فَيَأْتِينِي الرَّجُلُ، فَيَسْأَلُنِي عَنْهُ»، قَالُوا: «أَخْبِرْ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِثَبْتٍ».

ولقد قال رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ».

وهذا الذي يكذب على رسول الله فيتبوَّأ مقعده من النار: فاسق يجب التشهير به، وهو فاسق قد سقطت عدالته، ومن سقطت عدالته فإنه يجب التشهير به، وهو فاسق قد سقطت عدالته، ومن سقطت عدالته فإنه يجب على كل مؤمن أنْ لا يثق في حديثه ولا في رأيه، أو نتائج بحثه. ومن ثبت عليه الكذب أو الغش، أو الزيادة في النص، أو النقصان منه، لِيَثْبُتَ بالزيادة أو النقصان رأياً يتفق مع هواه، ومع نزعاته، إنَّ كل من يفعل ذلك فقد سقطت عدالته.

على أنَّ من يزيد في النص أو ينقص منه، أو يُحَرِّفُ فيه: يتعمَّدُ ذلك للحط من إنسان أو للنيل منه، فإنه، من الناحية الإنسانية: قد نزل إلى مرتبة تألف الإنسانية

<<  <   >  >>