للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السليمة منها، وانحطَّ إلى درجة تنفر الفطرة الطاهرة منها.

وبعد هذا نقول: إنه نشأ في زمننا هذا طائفة من الناس يزعمون أنهم من الباحثين على الأسلوب الحديث، أسلوب النقد والتمحيص، والتثبُّت فيما يزعمون.

وما من شك في أنَّ أسلوب النقد والتمحيص في الحديث وفي رُواة الحديث أسلوب البحث العلميِّ بأدق ما يمكن أنْ تُعَبِّرَ عنه هذه الكلمة، إنما وجد حقاً عند أسلافنا من المحدثين، إنهم هم أصحاب المنهج العلمي الدقيق في كتابة التاريخ، إنهم المخترعون له، ولا يزالون للآن أدق من اتَّبعه، وَطَبَّقَهُ في صدق، وَالمُؤَرِّخُونَ المُحْدَثُونَ لم يصلوا بعد إلى ما وصل إليه سادتُنا المُحَدِّثُونَ القُدَمَاءُ من الدِقَّةِ العِلُمِيَّةِ.

ولا نريد أنْ نتعجَّل فنقول:

إنَّ هؤلاء الذين يزعمون في العصر الحاضر أنهم قد تمحضوا للبحث العلمي: ليسوا من البحث العلمي في شيء، ولنتريَّث قليلاً حتى نطبق عليهم مقاييس أسلافنا في العدالة، لنرى ما إذا كانوا أهلاً للثقة أم ليسوا بأهل لها.

لقد كان أسلافنا يكتفون بثبوت الكذب مَرَّةً واحدة على شخص فيسقطونه من قائمة العدل، فإذا ثبت مثل ذلك على هؤلاء الكُتَّاب المُحْدَثِينَ فإننا نسقطهم من طبقة العدول، ونضعهم في قائمة الذين وصفهم الله بالفِسْقِ، حين قال فيهم:

<<  <   >  >>