ثم ليس هناك لغط أو رفع صوت بل سكوت تام وإصغاء كامل، فيقرأ القارئ بحيث لا يتجاوز الورقتين أو الثلاث.
وحين القراءة هناك من كان يكتب في المجلس ما يسمع، أو يكتب قبل الدرس أو بعده ثم يصحح كراسته بكراسة الشيخ أو القارئ.
وكان مالك دقيقاً جداً في تعليمه. صارماً في دروسه، محدوداً في المادة التي يلقيها. من استزاد عوقب أو سجن.
وإذا طلب معاملة خاصة رفض سواءً كان خليفة أم أميراً أم فقيراً.
وكان مالك مرهف الحس، وكان يتأثر بحسن الطلب، وإذا استثقل القارئ استبدله بغيره.
هذه صورة عامة لمجلس الإمام مالك حين تدريسه وإملائه، والنصوص الآتية تدلل على ذلك.
[مالك وتفريقه بين مجلس الحديث ومجلس الفقه]
١ - «قال مطرف: وكان مالك إذا أتاه الناس خرجت إليهم الجارية، فتقول لهم: يقول لكم الشيخ: تريدون الحديث أو المسائل؟
فإن قالوا: المسائل. خرج إليهم، فأتاهم، وإن قالوا: الحديث، قال لهم: اجلسوا، ودخل مغتسله، فاغتسل، وتطيب، ولبس ثياباً جدداً، ولبس ساجه، وتعمم، ووضع على رأسه طويلة، وتلقى له المنصة، فيخرج إليهم وقد لبس وتطيّب، وعليه الخشوع، ويوضع عود فلا يزال يُبَخّر حتى يفرغ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم».
٢ - ويصف مجلسه تلميذ آخر من كبار تلامذته:
ألا وهو معن بن عيسى وهو يقول: «كان مالك بن أنس رحمة الله عليه