وقد بحث نجم الدين الطوفي هذه المسألة أيضًا بشيء من التفصيل في كتابه "إبطال التحسين والتقبيح" -لا يزال مخطوطًا-، ورجَّح أن محل العقل هو الدماغ، وهو ما اختاره أيضًا في كتابه "شرح مختصر الروضة" كما سيأتي في التعليق على هذه الفتوى.
وقد أجاب فيها أيضًا الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- في فتوى له ضمن كتاب "إزالة الستار عن الجواب المختار لهداية المحتار": (٦٦ - ٦٨) وقد انفصل في فتواه هذه عن نحو ما انفصل عنه الشيخ الأمين هنا، إلَّا أنه زاد وجهًا آخر في الجمع بين القولين المشهورين في محل العقل، وهو قوله:
"على أنه يمكن أن يقال: إن المخ هو جهاز التصور والإدراك، فهو يتصور الأشياء ويدركها ثم يبعث بها إلى القلب، والقلب يتصرف ويتحكم، كما نقول في حاسة السمع والبصر، تدرك المسموع والمرئي وتبعث بها إلى القلب فيحكم ويتصرف. وهذا جمع آخر بين الوحي وما يقال من العلم الحديث، ويؤيده أن الله تعالى نفى العقل عن الكفار مع أن لهم تصورًا وإدراكًا، لكن لفساد تصرفهم صاروا كمفقودي العقل. فعلى هذا يكون محل تصور المعاني والمعقولات الدماغ، أما الذي يحكم البدن ويتصرف فيه فهو القلب، ومعلوم أنه إذا اختل محل التصور لم يمكن العقل؛ لأن محل التصور هو الجسر الذي يُعبر منه إلى القلب، فإذا اختل لم يصل إلى القلب شيء فيختل "العقل" (١).
تنبيه: قد يتساءل بعض الناس هنا: ما جدوى بحث هذه المسألة؟