رجل سياسة، وكلاهما فيه هذه المغناطيسية العجيبة التي تخلق الأصدقاء المخلصين والأعداء المتحمسين، وكلاهما انحنت له هامات كبيرة وعقول حصيفة، فإذا كتب موسوليني قصة عن نابليون، كان أليق الناس أن يصف نبضات قلبه وخلجات صدره. وهاهي هذه القصة تدل على ذلك أكبر الدلالة
يظهر نابليون في هذه القصة عقب أسره الأول وإرساله إلى جزيرة (البا) ويظهر فيها في فترة المائة يوم إلى أسره الأخير وإرساله إلى (سنت هيلانة) ولعمري لهي أيام القصة من حياة نابليون. هي الأيام التي تتجلى فيها مأساة بشرية رائعة:
دسائس ثائرة حوله، ومجهودات جبارة تحاول صد تيار أتيّ فتصرع دونه، وأصدقاء يفر بعضهم ويثبت أقلهم، ثم أنانية لا تنظر إلا إلى النفس ونفعها أو خلاصها، والرجل العظيم في وسط ذلك كله تنعكس فيه كل تلك العيوب وتشع منه كل تلك البواعث
صور موسوليني نظام الحكم وأسسه، ونطق عن لسان نابليون في تصوير عيوب الديمقراطية واحتقارها فقال:
نابليون - (. . . . . عندما أبرح باريس إلى الميدان، لا أريد أن يهاجمني البروسيون والإنجليز في وجهي بينما يطعنني مجلس النواب الفرنسي من خلف)
فوشيه - (مولاي إن المجلس هو الأمة)
نابليون - ((ترتفع نبرات صوته) لا. . . ليس هو الأمة (يبحث في مكتبه كالمحموم) إن صانع البنادق في مارسيليا الذي وهب لنا مائة بندقية، وصانع السروج الفقير في بولون سيرمار الذي قدم ثمانين سرجاً للفرسان، وعمال فيسول وفلاحي أرجون الذين حفروا الخنادق وأبو أن يتناولوا أجرا، وجنود الفرقة التاسعة والسبعين الذين رفضوا الرشوة لأنهم عقدوا العزم على لأن يتبعوني. . . وكل امرأة كنت أنتظر منها رسالة استجداء فإذا بي أتسلم من ذلك رسالة تقدم فيها ما ادخرته من مال. (يريهم لفة مربوطة بشريط وسام جوقة الشرف) هذه هي الأمة يا مسيو فوشيه، وليس الخمسمائة من المحامين الذين يستطيع أربعة من رجال حرسي أن يفرقوهم بمؤخرة بنادقهم)
وصور موسوليني شخص نابليون فلم يترك دقيقة لم يصورها: رجل ينام في أي وقت شاء، ويدرك في دقيقة ما يفوت الافهام في ساعات. فإذا عزم فإنما عزيمة البرق، وذلك