للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكنه ينسى أن يتحدث في هذا الفصل عن أولى الخواص التي لا يستطيع الإنسان في العصر الحديث أن يتصور العلم من دونها، وهي أن العلم يمتاز من سائر آفاق المعرفة الإنسانية في أنه (يبحث الشيء من حيث هو شئ) وليست تعنيه علاقة هذا الشيء بغيره من الناس. ولهذا كان العلماء آخر من يفكر في الإنسانية ويعطف عليها، لأن التفكير في صالحها يدخل في باب العاطفة، وبين العلم والعاطفة عداء مستحكم الحلقات. فمخترع الغازات السامة أو الغواصات أو الدبابات وما إليها عالم موفق قد تهيأت له أسباب النجاح في تطبيق نظريات العلم - وإن ساء فيه رأى المجتمع وجزع الناس لما أخترع - وإن قلت له إن عملك يشقي الناس أجابك على الفور:

أنا عالم، أبحث الشيء من حيث علاقته بذاته، ولا شأن لي بعد هذا بما تفضي إليه نتائج البحث وتطبيقها خيراً كان أو شرا).

على أن من العدل أن نقول إن قيمة الكتب لا يحددها اتفاق الرأي بين الكاتب والقارئ، وإن خلوها من المآخذ التي يتصورها الناقد لا يصلح أن يكون مقياساً للإعجاب بها والرضا عنها، لأن مدارك الناس في تفاوت، ثم إن خلوها من النقص محال.

وقد تثير هذه الكلمة في نفسك سؤالاً تطلب إلي فيه أن ألخص لك (البراجماتزم) ولكنى لن أجيبك إلى مطلبك إشفاقاً على نفسي من الاضطلاع بهذا العمل. وأمامك كتاب الأستاذ يعقوب فأقرأه تعلم أن لجنة التأليف والترجمة والنشر قد أنصفت في اختيار هذا الرجل للقيام بتأليف هذا الكتاب، فهو عالم يكثر الاطلاع، ويحسن الفهم، ويجيد العرض؛ ويحب أمريكا! ومن أقدر على الكلام في (البراجماتزم) من رجل تتوفر له هذه الصفات. .؟

ت. الطويل

ليسانسييه في الفلسفة

<<  <  ج:
ص:  >  >>