النقوش أم النقوش ذاتها؛ أما من ناحية اللغة فلم تكن خاصة بأهل حمير، بل كان يتكلمها كل قبائل اليمن المختلفة وأهل سبأ ومعين أيضاً، وإن اختلفت اللهجات في كل جهة عن الأخرى. وقد أطلق المسلمون على لغة اليمن القديمة اسم (الحميرية) لسبب بسيط، ذلك أن الحميرين كانوا أقوى جنس سكن هذه البلاد خلال القرون الأخيرة السابقة لظهور الإسلام. ولو كانت جميع الآثار المكتشفة ترجع إلى عصر السيادة الحميرية لسمعنا عنها في شيء من اليقين فيمن خلفهم، ولكن الحقيقة هي أنها ترجع إلى عهد سحيق أيام العصور الأولى التي يرجع بعضها إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وربما كان بل تأسيس الإمبراطورية الحميرية بألف عام، كما أن لفظ (سبئ) لا يوضح المقصود تماما لأنه يغلب استعماله لاسم شعب أكثر من أن يكون لقبا سياسيا، وعلى كل فأني أفضل لفظ (عرب الجنوب) على كل ما عداه.
ومن أول رواد البحث والتنقيب في بلاد اليمن العالم كارستن نيبوهر الذي قام بدافع نفسه وللذته الخاصة بإماطة اللثام عن النقوش. وقد طبع عام ١٧٧٢م كتابه المسمى وقد رن صدى اكتشافاته في مجامع أوروبا العلمية ورجح الظن بأن حمير وجدت في بقايا مدينة شهيرة باسم ظفار وفي ذات مرة لقيه أحد الهولنديين الذين اعتنقوا الدين الإسلامي وأطلعه على نسخة من النقوش جمعت كل الحروف الهجائية التي لم تكن معروفة من قبل، ولكن - كما يقول - (أصابتني حمى عنيفة في تلك الآونة، وكنت أستعد بين كل لحظة وأخرى للموت أكثر مما أعد نفسي لجمع النقوش القديمة) وبهذا ضاعت فرصة عظيمة، ولكن الدهشة عادت ثانية إذا اكتشف البحاثة عام ١٨١٠ عدة خطوط في جوار ظفار ونسخها بيده، ولكن ما يؤسف له أن السرعة التي لازمت المكتشف جعلت المنسوخ غير متقن الضبط تماما. وقد اشترى أيضاً رسما أخذه معه وانكب عليه في أوقات فراغه ناسخا أياه، غير أن جهله للروح الأصلية أوقعه في عدة أخطاء في الحروف، وبذلك لم تكن النتائج التي توصل إليها ذات قيمة تذكر. وإن أول منسوخات قيمة للنقوش العربية الجنوبية وصلت إلى أوربا على أيدي الضباط الإنكليزي المشتغلين بحراسة الشواطئ الجنوبية والغربية لبلاد العربي وفي سنة ١٨٣٨ طبع الليفتنانت ج. ر. وللستد نقوش حصن الغراب ونقب الحجر في كتابه المسمى