هل أسكنت يوماً لشاكي علة ... طيراً على عرش الأزاهر شاديا
أو حطمت أغصانها لفجيعة ... أو مزقت حُللاً ترف زواهيا
أوَلم تجيء هذي الطبيعة مرة ... ولهان تفتقد الحبيب النائيا
كم جئتماها قبلُ كنف الهوى ... وقضيتما فيها ضحى وأماسيا
الزهر حولكما يرفُّ مهنئاً ... والطير فوقكما تحوم شواديا
والغصن مخمور يصفق ناثراً ... قُبَلاً على عطفيكما ولآليا
أودعتماها الذكريات حبيبة ... تحكي أزاهرها اللطافُ، غواليا
وكتبتما فوق الجذوع مواثقاً ... ونقشتما فوق الصخور أساميا
واليوم. . .! تأتيها وحيداً شارداً ... ترجو بمغناها لجرحك آسيا
فانظر إليها! هل رعت ذمم الهوى ... أو خلدت ذكراً حلَوْن خواليا
سائل! فلست ترى لعهدك ذاكراً ... وابحث فلست ترى لحبك راعيا
واجزع! فلن تلقى لخطبك جازعا ... واندب! فلن يلقى بكاك مباليا!
ما بالها تلهو وأنت مكلّم ... تتلمس الذكرى وعهداً خاليا
إن الطبيعة غادة فتانة ... لا تعرف القلب الوفي الحانيا!
أحبيبي الغالي، وأنت مخاطبي -! ... هيا استشفَّ من القصائد ما بيا
هذا القريض يشف عما تحته. ... أتظن قلبي بعد ذلك ساليا؟
ألهو وأضحك ليس يبصر ناظري ... ماذا تكنُّ أضالعي وفؤاديا
أتقول: لا يذكي الهيامُ قصائدي! ... لولا لحاظك ما زكتْ أشعاريا
أقصائد يحملن آلام الهوى!؟ ... يا هونَهن! ولو يكنَّ دراريا
وانا قصيدتك البديعة صغتُها ... من فيض سِحرك أبحراً وقوافيا
وبخافقي ما لو تقسمه الورى ... وسع القلوبَ على الزمان خواليا
لكنني أغلى فؤادي أن يرى ... بين الأنامِ - وأنت فيه - داميا
(دمشق)
أمجد الطرابلسي