[كبرياء الألم]
وراحة النفس في الشكوى ولذتها ... لو أمكنت، لا تساوي ذلة الشاكي
(أسامة بن منقذ)
للأستاذ أمجد الطرابلسي
أتظلُّ تخفق في الأضالع واهياً ... يا قلب حسبك! لن تراني شاكيا
يا ذلة الباكي! إذا أعداؤُه ... شمتوا به، والخِل أصبح راثيا
يا ذلة الباكي! لجرحي لاهباً ... أرضى لنفسيَ يا خفوق ونارِيا
أكتم لهيبك ما تقسمك الأسى ... لا يرخصن بكاك جرحاً غاليا
واشمخ بأنفك في الخطوب ولا يكن ... غلف القلوب أشد منك تعاليا
ولْتكرم الألم المخلِّد، ولتكن ... بلظى تكتمه الضلوع مباهيا
فالكون تضحكه الدموع إذا جرت! ... أتظل تضحك ذا الزمانَ اللاهيا؟
والمجد للألم الدفين على المدى ... لا للذي يؤذي المسامع باكيا
والوجد أنبله كمينٌ صامت ... وأجله ما كان جُرحاً خافيا
كنز من الإلهام لا تلقى له ... بين الكنوز مشابهاً ومساوياً
يهب الجلال لمن يطيق صيانه ... والعبقرية والثناَء الباقيا
يا أصدقائي النائحين تجملوا! ... لا تصبحوا بين الأنام ألاهيا
تبّاً لقلب لم يذق مجد الأسى ... وبِلىً لقلب لا يملّ تشاكيا
أغلوا الجراح فلن تروا مثل الجوى ... للعبقرية مُنضجاً ومواتيا
إِن القريض أعز مجداً من فتى ... يمسي ويُصبح ضارعاً متباكيا
لا يستحق الخلد شِعر ناحب ... تتقاطر العبرات منه جواريا
يا أيها الشاكي! إلى من تشتكي؟ ... أفأنت مُلْفٍ في الأنام مواسيا؟
وإذا لقيت فإِن في إشفاقه=ورثائه ذلاًّ لنفسك كافيا
أم الطبيعة ما تبث وأُذنها ... موقورة ما إن تجيب مناديا
تشكو فتعتنق الطيور على الرُّبى ... بين الغصون ضواحكاً ولواهيا
وتنوح الأزهار وتضحك خلسة ... والجدول المِطرب يسخر جاريا