للإيحاء سلطان كبير على النفوس، يدفعها إلى القيام بأعمال جليلة ما كانت لتقوم بها لو عداها أثره الحافز القوي
ولا نبالغ إذا قلنا: أن جل الناس يضربون في زحمة الحياة ومعتركها الهائل تحت تأثيرها ذلك الإلهام الباطني وان لم يشعروا به أحياناً لأنه أخفى دبيباً من السحر
وفضل هذا الإيحاء عظيم في انه يشد عزائمنا ويستجيش قوانا، ويملؤنا رجاء وأملاً، ويهون علينا اجتياز الصعاب والعقبات
فالتاجر لا تتفتح نفسه للتجارة ويقبل عليها بشغف ولذة، إلا إذا ألهم نفسه أن من وراء ذلك المكسب الطائل والربح الوفير
والجندي في ساحة الوغى إذا فقد الروح المعنوية - وهي فن من الإيحاء - فقد أمضى أسلحة القتال، ولم يجد عليه أن يكون شجاع القلب حسن الدرية قوي العدة. وقد عبر عن هذا المعنى بأجلى عبارة فارس الإسلام (علي أبن أبي طالب) حين سئل: بم كنت تنال النصر؟ فأجاب: كنت أبرز للخصم وأنا أعتقد أني أغلبه، وهو يعتقد أني أغلبه، فكنت أنا ونفسه عليه
والإيحاء بمعناه العلمي يؤمن به أطباء هذا العصر كل الإيمان ويستخدمونه علاجاً ناجعاً في شفاء الأمراض العصبية والعقد النفسية والعادات الشاذة. وقد حدثني بعض من درسوا الحياة الإنجليزية أن الأمم هناك تعود طفلها قبل النوم أن يقول لنفسه:(إني سعيد) عشر مرات والغرض من هذا أن يتدسس هذا الاعتقاد إلى عقله الباطن فيخالط نفسه بمر السنين ويمتزج بمشاعره، فيستقبل الحياة مرحاً متفائلاً ريان الأمل بساماً على السراء والضراء.
وأقول بهذه المناسبة: إني شفيت بفضله بعض الشفاء من الخجل المفرط والحياء الغالي، وهو مرض موروث كثيراً ما قعد بي عن غثيان الأندية والمحافل، ومنعني من أداء