لنفترض أن هذه القوى يتفاعل بعضها ببعض تتبعاً لقانون المصادفة والتدابير المتعاقبة، وأن الترتيب اللاحق مؤثر في الترتيب السابق، فما عسى يقوم في أزلية الزمان؟ أرانا إذ ذاك مضطرين إلى القول بأن هذه القوى لم تبلغ بعد نقطة التوازن ولن تبلغها أبداً، إذ لو كان هذا الترتيب في استطاعته أن يظهر يوما ما، لاستطاع إذا أن يظهر لتطاول الزمن الغابر. والعالم - عند ذلك - يصبح جامداً ساكناً لا يتحرك، لأن من المحال أن تضل هذه القوى عن (نقطة التوازن والاستواء) بعد أن أدركتها ووصلت إليها. فنحن إذا أمام القول بأن شحنة من القوى الثابتة المعينة تولد - في هذه الآماد - تدابير لا تنبتر وحالات لا تتناهى. وبما عن الزمان لا نهاية له، وبما إن هذه الشحنة من القوى هي معينة محدودة، فسوف تأتي لحظة - مهما كانت هذه القوى عظيمة ومهما كانت آثارها الناشئة عنها كثيرة - نرى فيها هذه اللعبة الطبيعية غير العاقلة تولد (تدبيراً) أو تهتدي إلى حالة تستقر عندها وتقف عليها.
ولكن هذه الحالة أو هذا الانتقال سيجر وراءه سلسلة تامة من الحالات المتسببة عنه، من حيث أن الحركة العالية تولد ذات الأشياء وتمشي باستمرار على دائرة واسعة. كل حياة خاصة هي جزء من هذا الدور الكلي. وكل فرد قد عاش الحياة ذاتها مرات لا تحصى وسيعيشها إلى الأبد. كل الحالات التي يمكن للوجود أن يبلغها قد بلغها في الماضي مرات متعددة. قد كان مرة، ومرات عديدة سيكون وسيعود. وكل القوى السابقة متوزعة اليوم توزعها بالأمس
أيها الإنسان! إن الحياة كلها كمرملة ترش دائماً وتجمع دائماً. وكل خليقة من هذه الخلائق لا تنفصل عن الأخرى إلا بقدر تلك اللحظة الطويلة الضرورية لها حتى تعود تلك