للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الاتجاهات الحديثة في دراسة التاريخ]

للدكتور جواد علي

سكرتير المجمع العلمي العراقي

(بقية المنشور في العدد الماضي)

أما ذهب (المادية البيولوجية) فقد دعا أصحابه إلى تطبيق القوانين البيولوجية مثل نظرية داروين وما يتعلق بها على التاريخ وعلى المجمعات البشرية باعتبار أنها نوع من الكائنات الحية وأنها خاضعة للقوانين العامة التي تخضع لها كل الموجودات. فبحثوا في التاريخ البشري على أنه وجه من أوجه النشوء والارتقاء وبقاء ما هو أصلح وبحثوا عن الوراثة عند الأمم، كما فعل (فريدريك فون هلولد) في بحثه عن التاريخ الثقافي وتطوره من أقدم عصوره حتى الآن. و (دورنك (١٨٣٣ - ١٩٢١م) وهو من الفلاسفة الذين لاقوا معارضة قوية بسبب آرائهم العنيدة في المادة ونكران الروح.

فعند هذا الفيلسوف (الإيجابي) أن (الشيء الحقيقي) هو الأشياء المرئية فقط، وعلى ما تظهر للإنسان، وأن الأشياء كلها واحدة، وأنها هي الواقع أو الحقيقة، ومن عدا ذلك فسخافات. وإن ما يسمى بالروح ليس إلا أسطورة وأن (الحس) أو (الشعور) طاقة من طاقات المادة، ولا توجد فوق (المادة) أي أمور أخرى؛ وأن الطبيعة نفسها تشعر وتفكر بالشكل الذي عناء من المادة، ولهذا يجب دراسة التاريخ على هذا الأساس. فرفض بهذه النظرية المذاهب المعروفة القائلة بما وراء الطبيعة والمذهب الرومانطيقي كذلك.

ومن هؤلاء أيضا (أوتوسيك في كتابه عن تدهور العالم القديم و (كومبلوبثر) في مؤلفاته عن الاجتماع. و (هوستن ستيوارت شامبرلين) في كتابه المشهور عن أسس القرن التاسع عشر. وقد بحث هذا في التاريخ متأثرا برأي أصحاب نظرية النشوء والارتقاء، ففرق بين الشعوب (المبدعة) وهي الشعوب المبتكرة على رأيه، وبين الشعوب المتمدنة والتي لم تفعل في نظره غير ذلك. وبنى تاريخه على أساس عنصري فمجد الآرية والشعوب الآرية وغنى بتفوق الأمم الأوربية على سائر أمم العالم.

ومن أصحاب هذه النظرية (فولتمن) وهو طبيب ومؤرخ وعالم من علماء علم الاجتماع.

<<  <  ج:
ص:  >  >>