للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أدب العروبة في الميزان]

للأستاذ علي متولي صلاح

- ٣ -

ليست علاقة الأستاذ إبراهيم دسوقي أباظة باشا بالأدب قريبة ولا واهية وإنما هي علاقة قديمة وثيقة انحدرت إليه من آبائه وأجداده الذين كانوا يحتفون بالأدب ويحتشدون لأهله ويبذلون لهم المكرمات والمروءات بذل السماح. ولعل من أطرف ما يروى في هذا الصدد خبر الغرفة التي أقامها الأستاذ إبراهيم دسوقي أباظة باشا في بيته بقرية (غزالة) لحافظ إبراهيم يلم بها بين الحين والحين فيجد العيش اللين، والرزق الوفير، والحياة الرتيبة، والتي أطلق عليها اسم (غرفة حافظ) وجعلها حراماً على سواه، وما زالت مغلقة إلى الآن لا يغشاها إنسان؟

ولعل بعض القراء ما زال يذكر المقالات الطويلة والفصول الضافية التي كان يدبجها معال الأستاذ في جريدة (السياسة الأسبوعية) في صدر حياتها وفي (السياسة اليومية) في أول نشأتها بقلم يشهد له البلاغة والبيان، وأنا أعلم أن شوقي كان يسعى إليه جاهداً بكل رواية من رواياته الأخيرة ويأبى إلا أن يهدي إليه أول نسخة تخرجها المطبعة! ولعل الكثير من القراء لا يعرف أنه شاعر تلين له القوافي لأنه لم يجتمع له ديوان منشور، ولأن أغلب شعره إما أن يكون معارضة لطيفة، أو نكتة طريفة أو جواباً عن سؤال، أو تزجية بشرى، أو إرسال تهنئة، وما إلى ذلك من مختصر القول ومقتضب الكلام، وأنا أسوق إلى القراء نموذجاً واحداً منه يدلهم على مبلغ أصالته في الشعر وعراقته فيه قاله في تهنئة صديقنا الشاعر طاهر أبو فاشا على زواجه منذ أعوام قريبة في قصيدة طويلة منها:

بنيت بالأمس سراً ... شحاً وبخلاً وغدراً

هلا دعوت ضيوفاً ... لا يسألونك كثراً

غر ميامين جاءوا ... دمياط براً وبحراً

إن شئت قدمت فولاً ... جرى بدمياط ذكراً

(التابعيّ) طهاه ... فكان في الصحن تبراً!

إلى أن قال في خاتمها:

<<  <  ج:
ص:  >  >>