للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[إلى صديقي. . .]

حول زيارة لضريح ابن عربي

للأستاذ صديق شيبوب

هنيئاً لك يا أخي تنقلك بين مصايف لبنان المرتفعة منها والمنخفضة، بين الجبال الشاهقة والأودية السحيقة، بعيداً عما نعانيه من حر مضن ورطوبة قاتلة ونزلة وافدة. ولعلك بعد أن تتم طوافك في لبنان لا تنسى أن تزور دمشق لأنه لا بد لكل من يصطاف بلبنان من أن ينتهي بزيارة الفيحاء، أو وكما قال شاعرنا العربي

تمام الحج أن تقف المطايا ... على خرقاء واضعة اللثام

ولدمشق سحر خاص تتميز به عن غيرها من البلدان العربية الكبرى. ولا أصف لك الحدائق الغناء التي تحيط بها، وهى نفحة من نفحات الجنان، ولا الآثار البديعة القائمة فيها وبعضها من الروعة بمكان. فإنك ستزورها وستشهد هذا جميعه وتعجب به

وزائرو دمشق يكتفون عادة من آثارها بالجامع الأموي ودار المجمع العلمي والمكتبة وبعض القصور القديمة وبعض المصانع الوطنية؛ وقليل منهم من يفكر في زيارة ضريح الشيخ محيي الدين ابن عربي، أو يفطن إلى أن (بحر المعارف الإلهية، وترجمان العلوم الربانية، الشيخ الأكبر، والقطب الأفخر)، كما يلقبه الشيخ عبد الغني النابلسي، مدفون فيها

ولقد زرت دمشق أكثر من مرة، وكنت في كل مرة أتردد على الأماكن التي تعود الناس زيارتها. ولم أفطن مرة إلى ضريح (الشيخ الأكبر) كما يلقب علماء الصوفية ابن العربي بالرغم من أني ركبت أكثر من مرة (تراماً) يعرف خطه باسم (الشيخ محيي الدين) في غدوي ورواحي إلى حي الصالحية حيث كنت أقيم

ولم يخطر ببالي في زياراتي الأولى أن أسأل من هو محيي الدين هذا. ولا أخفي عنك أني لو سألت يومئذ عنه وقيل لي أنه ابن العربي لما نبه في ذهني خاطراً بعيداً، أو بعث في نفسي شوقاً مزيداً إلى زيارة ضريحه، لأني لم أكن أعرف عنه أكثر من أنه إمام من أئمة الصوفية وأنه صاحب هذه الأبيات الجميلة التي كنت أحفظها من غير أن ألتفت إلى معناها الصوفي وهي:

لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي ... إذا لم يكن ديني إلى دينه دان

<<  <  ج:
ص:  >  >>