[حول مهرجان جامعة الأدباء بالفيوم:]
في موكب الشعر:
للأستاذ محمد عبد المنعم خفاجي
قرأت هذه القصائد الثلاث التي أنشدها الأستاذة الغزالي وطاهر والعوضي في مهرجان أدباء العروبة بالفيوم والتي نشرتها (الرسالة) فوجدت فيها من قبس الفن، وروح الشاعرية، واختلاف المواهب الفنية في الشعر، ومن طريقة كل شاعر في التصوير، وأسلوبه في البيان، ما يستحق النقد والدراسة.
شعراؤنا الثلاثة متشابهون في الثقافة، متقاربون في النزاعات؛ ربطهم صلات الصداقة والأدب والدراسة في مدرسة واحدة، والحياة في ميدان واحد، أو كالواحد، بروابط قوية متينة؛ ولكنهم مع ذلك يختلفون في نزاعاتهم الفنية اختلافا كبيرا.
فالغزالي شاعر وصاحب فن في شعره؛ وطاهر شاعر يعلن بشعره الثورة على الحياة؛ والعوضي شاعر صناع يحفل شعره بالصنعة الهادئة الجميلة؛ وهذه النزاعات الفنية المتفاوتة تكاد تلمسها في هذه القصائد الثلاث كما تقرؤها في ملامح وجوههم وألوان حياتهم طوى (الغزالي) والصحارى في سفرهم لرياض الفيوم الساحرة بعد ما هزه الشوق لزيارتها، وصور ذلك كله في مطلع قصيدته الرائع:
من لسارٍ إليكِ يطوى الصحارى ... هزَّه الشوقُ أن يزور فزارا
ثم يصور عواطفه وإجهاده وقلقه وسهده قبل سفره وتطلعه إلى الفيوم لتزيل عنه أثر كل هذا العناء في تصوير جميل أخاذ فاتن:
عابراً كالطيوف ولهانَ كالأنسام ... هيْمان كالأماني الحيارى
مُجْهَداً علَّ في ظلالكِ مأوى ... قلِقاً علَّ في رُباكِ قرارا
ومم كل هذا الإجهاد والقلق والشقاء؟ وقد فارق الشاعر محبوبه و (رفيق صباه) فعاش عيشة البائس الشقي المحروم من أجمل ما في الحياة:
يا جنان الفيوم نازحُ أيكٍ ... بانَ عن عشه إليك وطارا
قد خلا العش من رفيق صباه ... فمتى تالف القطاةُ الهزارا
نسلتْ ريشة الليالي طوالا ... أترى تصبِحُ الليالي قصارا؟