أسلفت القول في العدد الماضي من (الرسالة) عن ترجمة حسن حسني الطويراني باشا الشاعر الصحافي المصري المولد، والتركي الأصل، واليوم أكتب هذه الكلمة - وفاء بالوعد - في شعره الذي جمع في ديوانه (ثمرات الحياة)
وديوان الطويراني ضخم الحجم مملوء بكثير من القصائد الطوال والمقطوعات والموشحات والأدوار والزجل، وقد طبع بمطبعة إدارة الوطن سنة ١٣٠٠هـ، ثم سافر الشاعر إلى الآستانة في العام نفسه، ووكل أمر الإشراف على طبع الديوان إلى نائب له، فلم يعتن بتصحيح الجزء الثاني، فحصلت غرائب في التحريف والتصحيف والسهو، وفقدت أصول الديوان حين وصل الطبع إلى صفحة ٢١٦؛ وهنا علم الشاعر بما حصل فبعث بنسخة أخرى من الأصول لتتميم الأبيات. وبقي في الآستانة ثماني سنوات والديوان لم يكمل طبعه. فعاد إلى الإسكندرية في ٢٠ ذي الحجة سنة ١٣٠٨، ووصل إلى القاهرة في الثاني والعشرين من الشهر نفسه، ولما استراح من السفر أخذ يصحح الديوان استنجازاً لإخراجه (ولكنه وجد أن تصحيح الأخطاء يستلزم صرف الأوقات المديدة وتحمل المشاق العديدة، وأن الاهتمام بتصحيح ما وقع فيه من الخطأ الخطل، شيء زائد على الأمل والعمل)، فختمه بمعذرة إلى القراء، وأنجزه وأخرجه في ٢٠ محرم سنة ١٣٠٩ هـ
ويظهر في شعر الديوان والإمعان في مطالعته أن الشاعر متأثر بالمذهب التقليدي إلى حد كبير، فهو يحذو حذو شعراء عصره الذين كانوا أصداء بالية للشعر العربي القديم، فأغراضهم أغراض السابقين، وأبوابهم ومذاهبهم هي أبواب الأولين، ومذاهبهم مع اختلاف الأحوال وتباين المقتضيات
ولم لا يكون شعراء عصر الطويراني كذلك، وأمامهم محمود سامي البارودي باشا كان مقلداً إلى حد بعيد حتى في مطالعه ومواقفه وتشبيهاته بل في عباراته؟ ولكن البارودي كان يمتاز عليهم جميعاً بالطبع العربي الأصيل في قرض الشعر؛ فهو بارع في المحاكاة، حتى ليخيل إليك وأنت تقرؤه أنك تقرأ شعراً قديماً لم تفسده لوثة الأعاجم وفساد الملكات