للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[سياسة التعليم ووحدة الأمة]

للأستاذ عبد الحميد فهمي مطر

- ٢ -

لم يقتصر أمر التعدد في معاهد المرحلة الواحدة من التعليم مع ما يصحبه ذلك التعدد من اختلاف ثقافات المدرسين على تعليم البنين، بل سرى نفس الداء إلى معاهد البنات كذلك. خصوصاً في المرحلة الثانية منها حيث وجدت مدارس الفنون الطرزية ومدارس الثقافة النسوية والمدارس الثانوية والأوليات الراقية والتربية النسوية ومدارس المعلمات الأولية وغيرها، وحيث وجدت في هذه المدارس طوائف مختلفة الثقافات من المعلمين والمعلمات اللواتي تخرجن في مدارس التدبير بأنواعها والتعليم العام الإضافي ومدرسة المعلمات والسنية ومعهد التربية والفنون إلى غير ذلك مما أدى إلى تفكك تعليم الفتاة بسبب تعدد المعاهد وعدم انسجامها وقلة توافقها وترابطها، فخلقنا جواً ملائماً كل الملاءمة لتفاوت الطبقات في معاهد البنات كما سبق أن خلقناه في معاهد البنين مع أن الوظيفة الأساسية للمرأة في الحياة تكاد تكون محدودة معروفة وهي طبعاً الزوجية والأمومة. وكان لهذا كله أثره القوي الفعال في خلق التنافر والقضاء على التعاون بين الأفراد المثقفين من أبناء الأمة الواحدة وبناتها ذلك التعاون الذي هو أساس بناء وحدتها وعماد نهضتها قي كل أعمالها ومشاريعها التي تنهض بها الجماعات والطوائف المختلفة.

ولقد بدأ الاضطراب في سياسة إعداد المعلمين والمعلمات للتعليم العام في هذا البلد منذ ألغيت المدرسة السنية للمعلمات ومدرسة المعلمين العليا التي خرجت في نحو ربع قرن من الزمان عدداً كبيراً من رجال التعليم اضطلعوا ولا زالوا يضطلعون بأكبر قسط في تثقيف الناشئين في مختلف المدارس والمعاهد. ولم تستطع مصر مع الأسف أن تحصل على ما يسد فراغ هاتين المدرستين؛ فمعهد التربية العالي بشقيه الذي قام على أنقاضهما ليعد معلمين ومعلمات للتعليم العام لا يلتحق به إلا طالب منته من الدراسة في إحدى كليتي الآداب أو العلوم بالجامعة. وأنّى لطالب منته في إحدى هاتين الكليتين راغب في ولوج معترك الحياة العامة بعد الدراسة الطويلة أن يفكر في إعداد نفسه من جديد ليكون معلماً! أنَّى له ذلك وحظ المعلمين من متع الحياة ومتع الوظيفة ضئيل لا يُقدم عليه إلا من أكرهته

<<  <  ج:
ص:  >  >>