اكتشفت أخيرا عدة حوادث جديدة تسربت فيها آثار مصرية إلى الخارج بطرق غير مشروعة، ومن ذلك مجموعات ثمينة من أوراق البردي المصري القديمة ظهرت في لندن وبرلين. ولتسرب آثارنا القديمة، أو بعبارة أخرى لسرقة آثارنا، حديث قديم مؤثر، فليس بين بلاد الأرض بلد نكب في آثاره كما نكبت مصر؛ ونكبتنا في آثارنا فادحة مضاعفة، لأن القدر شاء أن تتلقى مصر من أجيالها الغابرة المجيدة أقدم تراث أثري وأنفسه، ولأن هذا التراث مازال مطمع أنظار المتربصين من الهواة والعلماء. .
ليس بين متاحف العواصم الأوربية الكبرى متحف لا يضم بين أبهائه
مجموعة كبيرة من آثارنا المصرية؛ ففي لندن وباريس ورومة وفينا
وبرلين وغيرها أقسام خاصة للآثار المصرية، ومن هذه الأقسام ما لا
يقل كثيرا في ضخامته وتنوعه عن متحفنا المصري؛ هذا عدا المتاحف
الامريكية، وعدا المجموعات الخاصة التي تسربت إلى أيدي الهواة.
وإن المصري الذي يتاح له أن يزور هذه المتاحف ويرى كل هذا
التراث المصري المنهوب يزين هذه الأبهاء الشاسعة كلها لتأخذه دهشة
يمازجها الألم والحسرة لفداحة الخطب الذي نزل بتراثنا الأثرى.
ومن الحقائق المؤلمة أن تكون مصر هي أول مسؤول عن هذا الخطب، وأن تحمل فيه اكثر تبعة؛ فهي التي أسلمت تراثها الأثرى منذ أواخر القرن الماضي إلى طائفة من البعثات الأجنبية تعمل في أرضنا باسم العلم والاستكشاف الاثري، ولكنها لم تكن دائما حريصة على مبادئ العلم ونزاهة العلم، ولم تكن بالأخص جديرة دائما بالثقة التي وضعت فيها، فلم ترع حرمة الأمانة والذمة، بل كانت تتربص دائما لما تعثر عليه من آثارنا، فتهرب منه إلى بلادها بمختلف الوسائل ما استطاعت، ثم تعود فتتقسم ما تعف عنه من البقية الباقية مع حكومتنا وتفوز دائما في ذلك بالنصيب الأوفر.
ومصر هي التي وضعت لنفسها تلك اللائحة السخيفة التي تسمح للبعثات الأجنبية والمكتشفين الأجانب باقتسام آثارنا المكتشفة معنا؛ ومصر هي التي تقصر في حراسة