للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

ماريوتو

للكاتب الإيطالي ماسوشبو سالر نيتانو

أحبها ماريوتو ماجنانللي من أعماق قلبه، وجعلها أغنية روحه، ومزج غرامها بدمه، وجعل اسمها الحبيب إنجيله المقدس الذي يردده ويهتف به في يقظته وفي منامه. ثم راح ينشدها في أنفاس الصباح ونسمات الأصيل، ويتخيلها في لآلاء النجوم وصفحة البدر. . وكلما لقيها فوق سيف البحر أرسل عليها حبه وآلامه تتوسل له تحت قدميها الجميلتين وتطلب له الشفاعة حتى عرفت أنه يحبها.

وآنست فيه الفتاة طهارة ونقاء وصدقا فرقت له ومالت إليه وجزته على دموعه وحرقه بابتسامة بريئة ماد لها قلبه، وازلزل من شدة أسرها كيانه، وفتحت له أبواب السماء يطلع منها على عالم من الحب السرمدي، لأنه من صنع اللطيف البارئ. . سبحانه وباركت قلبيهما يد الله، وأخذا يلتقيان خفية ليتعاهدا على الحب وليروياه بدموعهما، وليقطفا من ثمره إذا أينع. . قبلة أو قبلتين. . ثم ليأخذا في حديث ألذ من قطع الروض، وأبهى من وشيه يرف على شفاههما رفيف النسيم، ويتدهدى من أعينهما الظامئة كأنه رقى السحر.

وكان ماريوتو من أسرة متوسطة من أهل سينا وكانت الفتاة من أسرة ساراسيني التي هي في الذؤابة من أهل المدينة فكان هذا التفاوت بين الأسرتين سبب عذابهما ونبع مأساتهما والهوة السحيقة التي تحول بين أطماعهما في الصلة المقدسة التي تقرب ما بين الجسمين كما قرب الحب بين الروحين.

ولا ريب أن القبلة هي أشهى ثمار الحب وأطيب جناه، لكنها كما يقول الشعراء تلهبه ولا تطفئه. . ومن الشعراء من يدعوها رسول الأبالسة، لأنها أول الغيث. .

من أجل ذلك لم يستطع الحبيبان على هذا الهوى العذري اصطبارا، ومن أجل ذلك صمما أن يكونا زوجين برغم ما بين الأسرتين.

وكان لهما صديق راهب أوغسطي، ما كادا يشكوان له حالهما حتى انبجست الرحمة في قلبه والدموع في عينيه، وانطلق بهما إلى الكنيسة فعقد لهما واستعان على إنجاز ذلك بالكتمان، وهكذا ظل ما بينهما سرهما وسر الراهب. وهكذا تم لهما ما أبته التقاليد

<<  <  ج:
ص:  >  >>