راجعني الأديب أليس إبراهيم بدوي فيما كتبت بالرسالة منذ أسابيع عن (الفكر والسلطة)، وكتب إليّ يقول:
(اسمح لي بأن أضيف إلى الأسباب الأربعة التي ذكرتها في إيضاح الدافع إلى طلب السلطة سبباً خامساً، وإن لم يكن بسبب، فهناك أناس يطلبون السلطة كحق من حقوقهم الموروثة أو تقليد من تقاليد الأسرة التي لا يليق بهم التخلي عنها. ولعل هذا السبب أبرز الأسباب نتائج من حيث طلب السلطة، ليس في هذا البلد وحده، بل في جميع البلدان بوجه عام)
وأتبع ما تقدم بقوله:(وكان لابد أن ينشأ عن هذا السبب سبب سادس معاكس له: سبب يدفع بالرجل الموهوب ذي الشخصية العارمة والإرادة المدربة إلى النظر إلى مثل أولئك الأفراد المتهافتين على السلطة نظرة متعالية، نظرة من يعتقد مخلصاً أنه أحق منهم إذ كانت الغاية من الحصول على السلطة استخدامها في بناء مجد للوطن. وإن مثل هذا الرجل ليعتبر في رأيي خائناً لرسالة ممتازة خلق لها إذا لم يعمل على نيل الأداة التي يمكنه بها إبراز مواهبه وممكناته وقدرته على الخلق والإبداع. وما قيمة المتعة الفكرية أو الذوقية إذا لم يستطع الرجل أن يستثمر قدرته البناءة بمطلق طاقته وحيويته)
ثم يقول الأديب:(أما صاحبنا (ديزرائيلي)، فلم أذكر اسمه نموذجاً، بل ذكرته عرضاً كرجل كانت له نفسية الأديب ودقة إحساسه بالحياة، وفق إلى كسف عناصر القوة في نفسه فسخرها في سبيل بلوغ المنصب الأعلى للحكم. . . وربما كان في التاريخ الأمريكي والبريطاني والفرنسي كثير ممن يصح أن يتخذوا أمثالاً. وربما كان عندنا هنا من يصح أن يذكر في معرض التمثيل. غير أن عدم وجود أمثال لا يمنع من خلق أمثال وابتداع خطط جديدة في الحياة والعمل)
ثم يقول في ختام خطابه: (فإذا كنت تعتقد أنه لا يمكن الجمع بين الأدب والإدارة فهذا رأيك وأنت حر فيما ترى. ولئن كنت أشك في صحة هذا الاعتقاد فما يعزز شكي ما قرأته لك في رجعة أبي العلاء في معرض كلامك عما كان يساور أبا العلاء من طموح إلى السلطان