لا يزال فن القصص عندنا في بدء مرحلته الأولى، ولا زال أدباؤنا يتلمسون طريقهم إلى القصة ويتوقون إلى رؤية هذا الفن من فنون الأدب، وقد انقاد لهم ووصل في أدبهم إلى مثل تلك الدرجة التي وصل إليها في الآداب الغربية، ذلك لأن القصة في منحاها وطبيعة تركيبها، من أهم وسائل التثقيف وأيسرها، كما أنها من ألذ ضروب الاستمتاع وأقربها إلى القلب والذهن، والقصة الجيدة بلا شك هي الحياة في ناحية من نواحيها، ففيها ما في الحياة من معان، وفيها الحياة من اضطراب
وهذا الافتقار في أدبنا إلى القصة، يجعلنا نرحب بكل تعريب جيد لشهيرات القصص في الأدب الغربي، إذ بذلك تتوفر لدينا النماذج وتتنوع المثل، فضلاً عما يكون لمثل تلك القصص من عظيم الأثر في تهذيب الذوق وصقله، وإيقاظ العواطف وحسن توجيهها
نعم إن لكل أمة ذوقاً، ولكل أمة شرعة ومهاجاً، ولكل أمة وجهة تتجه إليها حسب ما ركب في طبيعتها من ميول، وفن القصص ملكة لا تكتسب، ولكن الأديب المصري الموهوب مع ذلك لابد له من نماذج، وهو كفيل أن يشكل قصته على هدى تلك النماذج حسبما يتفق مع بيئته
ولقد اختار الدكتور حسن صادق قصة أدولف، فنقلها إلى العربية، وهي من القصص الفرنسية التي حازت عظيم الشهرة في أوربا كلها، وهي واحدة من تلك القصص التي تلائم كل بيئة وكل عصر، فليست من ذلك النوع المحصور الذي يتقيد في وضعه بغاية محدودة كالدعوة إلى إصلاح اجتماعي في ناحية من نواحي الحياة، أو من ذلك النوع الذي تصور فيه أمال ومثل عصر من العصور، حتى إذا انقضى ومنها أصبحت لأغنية فيها، بل هي من تلك الآثار الخالدة التي تساير الحياة وتغالب الفناء، وحسبك أنها قطعة فنية تقرأ فيها خطرات نفس كبيرة أملتها تلك العاطفة المشبوبة، عاطفة الحب في شرخ الشباب