جاءني في هذا الأسبوع سؤالان متباعدان من طرفين متقابلين: أحدهما من أديب يسأل عن أبي تمام، والآخر من أديب يسأل عن المدرسة الحديثة في التصوير، أو عن المدرسة التي تزعم أنها تعتمد في تصويرها على الوعي الباطن ولا تعتمد على المشابهات المحسوسة
أما الذي يسأل عن أبي تمام وهو الأديب (السيد حسن قرون التونسي بكلية اللغة العربية) فيسرد أسماء الشعراء الذين كتبت عنهم كتباً أو فصولاً في كتب ثم يقول:
(. . . ولكن شاعراً واحداً لم يفز منك بالإعجاب أو السخط، ولم يظفر منك بتزيين أو تهجين، وهو أبو تمام. ما الذي أبعدك عنه وما الذي أبعده منك؟ أما أنا فأعتقد صادقاً أو كاذباً أن شعرك وشعره ينبعان من منبع واحد. . .)
ثم يقول:(فأبو تمام الذي احدث ضجة في عصره، والذي كتب عنه الآمدي وغيره، والذي كان مثالاً للشعراء يحتذونه ويقلدونه، لا يظفر في العصر الحديث ببحث أو بكتاب أو بطبع ديوانه طبعة أنيقة. ليس هناك شاعر يمثل عصره تمام التمثيل إلا هذا الشاعر. وليس هناك شاعر يعلم البحث والتفكير والتعمق إلا هذا الشاعر؛ ولكنه ينسى ويقدم المجنون ابن الرومي، ويهمل ويذكر رهين المحبسين أبو العلاء، ويكتب عن بشار وأبي نواس ودعبل ولا يكتب عنه!
(أبو تمام حزين ثائر من الأستاذ العقاد لأنه هو الذي إذا تصدى لبحث وفاه حقه، وإذا كتب عن شاعر شرقي أو غربي أعطاك صورة صادقة ناطقة طبق الأصل. . . مهما ظننت بي الظنون فأنا مطالبك بالكتابة عنه، ومهما اعتقدت بي الفضول فأنا مقتنع بفكري راضٍ بنظرتي. . .)
وأنا يعجبني الإعجاب لأنه دليل حسنُ على شعور كريم، ولا يعجبني أن يكون الإعجاب بأحد باباً للجور على آخرين
أما جوابي عن سؤال الأديب: لم لم أكتب عن أبي تمام؟ فابدأه بأن أبا تمام في اعتقادي شاعر في طليعة الصفوة من شعراء العصر العباسي وشعراء العربية عامة، وإنه حقيق بكتاب أو برسالة ضافية كغيره من الشعراء الذين كتبت عنهم أو كتب عنهم النقاد السابقون