للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حول (أغنية السودان)]

للأستاذ علي متولي صلاح

نحمد لمحطة الإذاعة اختيارها - الفنية بعد الفنية - إحدى روائع شوقي الخالدات لتغني على الناس في مناسبة عابرة أو ظرف قائم أو لمقتضى حال يجب أن يقال فيه ما يطابقه.

وقد أحسنت الصنيع يوم اختارت قصيدته (نكبة دمشق) التي مطلعها (سلام من صبا بردى أرق)، وأحسنت الصنيع يوم اختارت قصيدته (ذكرى المولد) التي مطلعها (سلوا قلبي غداة سلا وتابا) ولو إنها أضافت إليها - توهما منها أن ذلك يجعلها أدنى إلى المناسبة القائمة وأكثر مطابقة لمقتضى الحال - ما كان منها كالرقعة الرخيصة في الوشى الثمين، ولو لم تفعل لتمت المطابقة دون الحاجة إلى هذا التكلف!

وأحسنت المحطة الصنيع أيضاً حين اختارت - في الأسبوع المنصرم - قصيدته (شهيد الحق) التي مطلعها (إلام الخلف بينكما إلاما) التي قيلت بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لوفاة المرحوم الزعيم مصطفى كامل، وأطلقت عليها اسم (أغنية السودان)!. .

ونحن نشكر للمحطة جاهدين أن تختار الشعر العالي، ونود لو إنها تتحلل يوماً بعد يوم من هذا الهذر والسخف الذي تنطق به حناجر بعض المغنين فيها، وإن تترك هذه الأغنيات الرخيصة المائعة التي تتسرب إلى نفوس الناس سماً وفساداً وانحلالاً. . . غير إننا ونحن بصدد الحديث عن اختيارها لقصيدة (شهيد الحق) نريد أن نبصرها بأمور كانت عسية أن تتجنبها، وليكون ذلك دستوراً لها إن أرادت حقاً أن يغني بها شعر رفيع عال كهذا الذي تختاره من شعر شوقي، وإن ذلك لجدير - في المستقبل - أن يعفيها من كل لوم، وأن يجنبها كل زلل، ويوقيها كل عثار.

١ - فنحن لا نفهم أولاً كيف تعدو المحطة على التاريخ الأدبي والتاريخ السياسي فتنحرف بالقصيدة عن الغرض الذي قيلت فيه وتخرجها عما إليه قصد منشئها، ثم تعدو بذلك على ذكرى غالية لزعيم وطني من طراز قل أن يوجد بين الزعماء؟؟ ثم تسميها عنوة واقتداراً (أغنية السودان) وما بها صلة بالسودان إلا إنه ذكر فيها مرة!! ولقد كان للمحطة معدى عن ذلك لو إنها تمهلت قليلاً في الاختيار، أو وكلته إلى أهل الذكر في الأدب الذين يعرفون قول الذي قال:

<<  <  ج:
ص:  >  >>