قرأت بإمعان مقالة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الجليل عيسى، في مجلة الرسالة الذائعة، في ذكرى عالم ومصلح، هو السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار رحمه الله؛ فعنت لي ملاحظات أحب أن أسجلها للقراء على صفحات الرسالة. وإن كانت هذه الملاحظات لا تبخس الكاتب قدره، بل إنما تدفعنا إلى أن نضاعف شكره.
وأهم هذهالملاحظات هي:
أولا: أخذ الكاتب الأفكار التي دونها في مقالته من كلمة الشيخ الزنكلوني في حفلة تأبين السيد رشيد رضا التي أقيمت بدار الشبان المسلمين عام ١٩٣٩، وكنت حاضرها بصحبة الأستاذ الأكبر الشيخ المراغي، وكانت الحفلة برئاسته. وقد نشرت كلمة الشيخ الزنكلوني في الصحف كلها حينذاك ومنها الجهاد (عدد ٣ إبريل عام ١٩٣٦ ميلادية) وهو تحت يدي الآن. وقد ألفاها بالنيابة عنه في الحفلة فضيلة الشيخ محمود شلتوت. وإن شئت فاستمع لهذا الاتفاق الظاهر!
قال المرحوم الشيخ الزنكلوني في أسلوب ساحر أخاذ:(طلاب الشيخ - محمد عبده - جميعا كانوا يغترفون من بحر واحد، وإن تفاوتت مراتب جهودهم واستعدادهم). فقال الكاتب: وبالرغم من كثرة المستمعين للشيخ محمد عبده، وتفاوت درجاتهم في الذكاء والتحصيل؛ فإن أحدا منهم لم تعمل فيه آثار الشيخ أقوى مما عملت في السيد رشيد، فكانوا على ضروب وأنواع - ثم أورد حديثا للبخاري وقال إثر ذلك - كذلك كان تلاميذ الشيخ محمد عبده: منهم من لم ينتفع في نفسه، لأنه مجدب الطبع، سبخ التربة؛ ومنهم من نفع غيره، فنقل مبادئ الشيخ لغيره، وإن كان هو لم ينتفع بها، أو قل انتفاعه؛ ومنهم من انتفع في نفسه وعم نفعه وغيره الخ). فالفكرة هي الفكرة ولكن الشيخ الزنكلوني عرضها عرضا سليما، من حيث أطنب الأستاذ، وذكر حديث البخاري دون مناسبة، وقاس أصحاب محمد عبده بأصحاب الرسول الأعظم، وأخطأ في عده من لم ينتفع بدروس محمد عبده ولم ينفع غيره نوعا من أنواع تلاميذ الأمام. ولا ندري معنى تعبيره في هذا المقام بقوله: (لأنه